فحيلي يكشف مخاطر تأسيس صندوق استرداد الودائع

img

اعلن خبير المخاطر المصرفية والباحث الاقتصادي والنقدي الدكتور محمد فحيلي رفضه لاقتراح القانون القاضي بانشاء صندوق استرداد الودائع .

وقال فحيلي ان ملاحظاتي تقتصر في مجال خبرتي لذلك إنني أرفض رفضا قاطعا الإجراء/القانون المقترح لإنشاء "صندوق استرداد الودائع" ، وها هي أفكاري.

*إنشاء صندوق استرداد الودائع في لبنان يأتي مع العديد من المخاطر والتحديات المحتملة. فيما يلي بعض المخاوف الرئيسية:

- قد يكون تأمين رأس المال الأولي الكافي للصندوق أمرا صعبا، خاصة في اقتصاد يعاني من ضغوط مالية.

- هذا الصندوق سوف يشجيع البنوك على إتخاذ مخاطر أعلى، على افتراض أن صندوق التعافي سوف ينقذها في حالة الإفلاس.

- وسيكون من المستحيل ضمان شفافية وكفاءة إدارة الصندوق لتجنب الفساد وسوء تخصيص الموارد.

- وقد يؤدي تحويل الأموال من مجالات حيوية أخرى لإنشاء صندوق استرداد الودائع إلى زيادة الضغط على الاقتصاد.

- لن يكون كسب ثقة الجمهور في الصندوق أمرا سهلا، خاصة بالنظر إلى انعدام الثقة الحالي في القطاعين العام والمصرفي.

- لن يكون لدى الصندوق سيولة كافية لتغطية طلبات المودعين الواسعة النطاق أو المصارف الفاشلة.

- وقد يؤدي النفوذ السياسي إلى تقويض عمليات الصندوق وعملية صنع القرار.

وبالنظر إلى تحديات الفساد داخل الحكومة اللبنانية، يصبح إنشاء صندوق لاسترداد الودائع شبه مستحيل.

__في الاقتصاد، لا يوجد مفهوم لإعادة تكوين الودائع وسداد المودعين بالكامل. والمطلوب الآن هو استعادة الثقة في القطاع المصرفي، وهو ما لا يمكن تحقيقه من خلال محاولة القيام بالمهمة المستحيلة المتمثلة في سداد كل الودائع. وبدلا من ذلك، ينبغي أن تركز الجهود على طمأنة المودعين بشأن سلامة أموالهم في الحسابات المصرفية.

يجب على المصارف التجارية بناء السيولة اللازمة لتلبية طلبات العملاء على السحب والقروض. وتقع على عاتق المصارف مسؤولية دعم المصرف المركزي والتعاون معه في هذا المسعى. ومن الممكن تحقيق ذلك في بيئة اقتصادية داعمة.

إن مسؤولية الدولة في هذه الأزمة هي التحرك نحو الإدارة الفعالة لجميع أصول الدولة. وهذا لا يتطلب إنشاء صناديق سيادية أو مؤسسات مستقلة أو كيانات أخرى. إن تنفيذ الإصلاحات في إدارة مؤسسات القطاع العام، ولا سيما تلك التي لها وظائف تجارية (أي الشركات المملوكة للدولة - State Owned Enterpriss, SOEs)، يمكن أن يعزز إيرادات الدولة ويساهم في تحقيق ميزانية متوازنة. إن الإدارة الفعالة للمالية العامة من شأنها أن تمكن الدولة من تلبية الشروط اللازمة للتفاوض مع حاملي سندات اليورو والدائنين لإعادة هيكلة الدين العام وإعادة جدولته.

إن الوصول إلى هذه المرحلة وإنجاز هذه الإصلاحات الأساسية سيحسن التصنيف الائتماني للبنان، وبالتالي يعزز العلاقة بين المصارف اللبنانية والمصارف المراسلة. وسيفيد هذا التحسن المصارف التجارية في لبنان، التي كانت أول المتضررين بشدة من قرار الحكومة بالتخلف عن السداد في آذار 2020.

إن التحول الإيجابي في البيئة الاقتصادية والمالية سيدعم عودة المصارف إلى تقديم مجموعة متنوعة من الخدمات لكل من المودعين والمقترضين. في حين أن السيولة لتلبية جميع رغبات المودعين قد لا تكون متاحة على الفور ، إلا أنه ستكون هناك سيولة كافية لتلبية احتياجاتهم الأساسية. لن تشمل هذه المرحلة الانتقالية جميع المصارف، وقد لا ترى بعض المصارف التجارية العاملة في لبنان فوائد فورية. ويتمثل التحدي الكبير في تأمين الموارد اللازمة لمعالجة الأصول المتعثرة والمصارف المفلسة غير القادرة على الاستمرار في خدمة الاقتصاد.

يستفيد عدد من المصارف اللبنانية حاليا من ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية، ويختار استثمار السيولة المتاحة لديه في هذه الفرص ذات الفائدة المرتفعة بدلا من تلبية مطالب المودعين بالسحب أو دعم الوكلاء الاقتصاديين المتعثرين ماليا، كما هو متوقع تقليديا من البنوك. وقد تم تمكين هذه الممارسة تحت إشراف مصرف لبنان من خلال التعاميم الأساسية 150 و154 و165. وعلى الرغم من أن هذا السلوك غير أخلاقي، إلا أن هذه المصارف تمكنت من تجميع سيولة صحية، مما سيساعدها في العودة إلى الخدمة الكاملة للاقتصاد اللبناني.

من المهم ملاحظة أن المصارف توقفت عن دفع الفائدة على الودائع في عام 2020 ومنذ ذلك الحين اعتمدت بشكل كبير على العمولات والرسوم المفرطة لتوليد الدخل. ويتعين على المصارف أن تتحمل المسؤولية عن سوء إدارتها للمخاطر، ولا ينبغي تأميم الخسائر الناجمة عن ذلك من خلال إنشاء صندوق لاسترداد الودائع أو صندوق سيادي.