يشكل انسحاب الجيش الإسرائيلي من معظم مناطق جنوب لبنان تطورًا استراتيجيًا قد يؤثر بشكل جوهري على مسار الصراع الممتد بين إسرائيل وحزب الله. غير أن الطابع غير المكتمل لهذا الانسحاب، إلى جانب الدمار الواسع الذي خلفه النزاع والتقلبات السياسية الحادة في لبنان، قد يعمّق حالة عدم اليقين بشأن المسار المستقبلي للأوضاع .
وتجد الحكومة اللبنانية نفسها أمام تحديات معقدة في بسط سلطتها على الجنوب، وإعادة إعمار المجتمعات المتضررة، ومعالجة الأسباب العميقة لعدم الاستقرار. وعلى الرغم من أن هذا الانسحاب قد يشكل فرصة مواتية لتعزيز قدرات مؤسسات الدولة، إلا أن الحكومة الجديدة تواجه تحديات كبيرة تعرقل جهودها في تحقيق الاستقرار .
وفي هذا الإطار، سيكون للمجتمع الدولي دور فعال في مساعدة لبنان على مسار التعافي وضمان التطبيق الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار. وبالطبع، يستلزم ذلك استمرار التحركات الدبلوماسية لمعالجة التوترات القائمة بين إسرائيل ولبنان، بما يسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي. كما ينبغي التركيز على منع اندلاع جولة جديدة من العنف، بالتزامن مع توفير الدعم الضروري لجهود إعادة الإعمار .
هناك العديد من العوامل الحاسمة أو ما يمكن أن نطلق عليه المتغيرات الراهنة التي سوف تؤثر على عملية إعادة بناء لبنان، من بينها قدرة الحكومة في الحفاظ على الأمن، ونجاح جهود إعادة الإعمار الاقتصادي، والتطورات السياسية المتغيرة. وفي حال تحقق السلام، ستبرز فرص حقيقية للتنمية والتعافي الاجتماعي. غير أن هذه المرحلة الانتقالية ستكون العامل الحاسم في تحديد ما إذا كان الانسحاب سيمثل ركيزة لبناء سلام دائم، أم أنه سيفتح الباب أمام فصل جديد من عدم الاستقرار في تاريخ المنطقة المضطرب .