حميدان : وقف الحرب في اوكرانيا سينعكس ايجاباً على الاقتصاد العالمي

 حميدان : وقف الحرب في اوكرانيا سينعكس ايجاباً على الاقتصاد العالمي

لاشك ان الحرب في أوكرانيا كانت لها انعكاسات اقتصادية كبيرة على العالم كله، لم تميز بين دول متقدمة وأخرى نامية أو فقيرة وإن اختلفت نسب وأوجه التأثير .

كانت الحرب كفيلة بهز عروش كثير من الاقتصادات الأوروبية والتي بعضها كان منهكاً من الأساس جراء جائحة كورونا وتبعاتها، لتجد نفسها تحت وطأة التضخم وأزمة الطاقة وتباطؤ النمو الاقتصادي .

وبلغة الأرقام إن أوروبا أنفقت خلال العام 2022 قرابة الـ 800 مليار يورو (بحسب تحليل أجراه مركز أبحاث بروغيل) وذلك بهدف مساعدة شعوبها من أجل التغلب على ارتفاع تكلفة المعيشة ومعدلات التضخم غير المسبوقة ربما منذ عقود.. فإلى أي مدى بلغ تأثر الاقتصادات الأوروبية بهذه الحرب وتبعاتها؟ وما أكثر الاقتصادات الأوروبية تضرراً؟ وهل كانت السياسات المالية والاقتصادية المتبعة ناجعة لجهة التخفيف من وطأة تداعيات الحرب؟

اليوم وبعد المبادرة الاميركية لوقف هذه الحرب ، وبعد الاتفاق على وقف اطلاق النار كيف سيكون انعكاس هذا القرار اذ طبق على النمو الاقتصادي واسعار الذهب والنفط ، ولماذا تعارض بعض الدول الاوروبية هذا الاتفاق .

هذه الاسئلة طرحتها " مجلة 24 " على الخبير الاستراتيجي والمستشار في البنك الدولي سعيد شكيب حميدان الذي "اكد ان وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا سيكون له آثار إيجابية عديدة على الاقتصاد العالمي، مثل انخفاض أسعار الطاقة، حيث يمكن للمستهلكين والشركات في جميع أنحاء العالم الاستفادة من انخفاض أسعار الطاقة، مما سيعزز ثقة المستهلكين. كما أن بعض الدول التي فرضت عقوبات على روسيا تتجه نحو تخفيف بعض عقوباتها، مما قد يُنعش العلاقات التجارية والاقتصادية.

وقد يُحقق وقف الأعمال العدائية بعض الفوائد الفورية، وسيرتفع السوق على أمل تحسين الظروف الاقتصادية. لان ألحرب ادت إلى التضخم وعجز الموازنة الحكومية وتأجيج الركود التضخمي في جميع أنحاء أوروبا. ومن المحتمل أن يؤدي وقف إطلاق النار إلى نمو أقوى وانخفاض عوائد السندات. ومع ذلك، فإن انتهاء الحرب لن يعالج القضايا الاقتصادية الأساسية التي تواجه الدول الأوروبية، حيث يعاني بعضها من دين عام يتجاوز حجم اقتصاداتها وعجز كبير في ميزانياتها. وقد تتفاقم هذه التحديات، بل وربما تتفاقم، إذا استمر الإنفاق بسبب الحرب واستجابةً للتقلبات الجيوسياسية. علاوة على ذلك، تجاوز الاقتصاد الأوروبي تأثير الحرب. فهم يتنافسون مع الولايات المتحدة والصين في العديد من القطاعات، وستظل هذه التحديات قائمة بعد حل النزاع في أوكرانيا. وكلما طالت الحرب، زادت تحديات استدامة أوروبا اقتصاديًا.

على الصعيد الاجتماعي، تُسمى أوروبا "القارة العجوز"، وستظل بحاجة إلى مواجهة تحديات شيخوخة سكانها وتأثيرها على أنظمة الرعاية الاجتماعية. وبحلول عام 2025، سيتجاوز عمر حوالي خُمس سكان دول مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا 65 عامًا. وتجد الحكومات الأوروبية نفسها بين حاجتها إلى الحفاظ على الإنفاق الاجتماعي وضغوط زيادة ميزانيات الدفاع. كانت هذه التحديات مشحونة سياسيًا، وأثارت احتجاجات جماهيرية متكررة، إذ يقع العبء على عاتق الأجيال الشابة.

بشكل عام، قد يُحدث وقف إطلاق النار تغييرات إيجابية اقتصاديًا واجتماعيًا، وسيُنهي انتهاء الحرب الجدل بين التعافي الاجتماعي والاقتصادي والدفاع، لكن كل شيء يعتمد على شروط وقف إطلاق النار، وصدق الطرفين في الحفاظ عليه.

اذ أعرب الاتحاد الأوروبي عن مخاوفه بشأن التزام روسيا، وأعرب عن عدم ثقته في التزامها بشروط وقف إطلاق النار. ويستند هذا الحذر أو القلق إلى تجارب سابقة مع اتفاقيات مثل اتفاقيات مينسك، التي لم تُنفذ بفعالية وكاملة. كما يُخشى من أن تستغل روسيا هذا الوقت لإعادة تجميع صفوفها وشن هجوم جديد. يرى الاتحاد الأوروبي أن وقف إطلاق النار يجب أن يقترن بضمانات أمنية مفصلة أو حل طويل الأمد، حيث يقول الرئيس زيلينسكي إن وقف الأعمال العدائية دون هذه الضمانات سيكون "فشلاً للجميع".