فور تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة أشعل أسواق المال العالمية بعد قراره فرض رسوم جمركية مشددة على واردات الولايات المتحدة من 180 دولة ومنطقة حول العالم
رغم تصريحات ترامب التي تتفاخر بقوة الاقتصاد الأميركي، فإن قراراته المتقلبة أثارت ردود فعل متباينة وأزمة اقتصادية اجتاحت أسواق المال.
فهل ما يقوم به الرئيس الأميركي هو خطوة استراتيجية لإعادة الهيكلة الاقتصادية للولايات المتحدة، أم أن هذه السياسات ستؤدي إلى انهيار النظام التجاري العالمي؟
كان ترامب قد أكد مرارًا أن الهدف من هذه الرسوم هو تحقيق توازن تجاري لصالح الولايات المتحدة وحماية الصناعات الأميركية من المنافسة الخارجية.
وان هذه الإجراءات تهدف إلى محاسبة الدول التي تعامل الولايات المتحدة بطريقة غير منصفة. في اليوم التالي لإعلان ترامب، تراجعت الأسواق الأميركية بشكل كبير، حيث فقدت الشركات الكبرى في وول ستريت نحو تريليون دولار من قيمتها السوقية.
في أعقاب هذه القرارات، أصبح من الواضح أن الأسواق العالمية دخلت في حالة من القلق وعدم اليقين. فبينما اعتبرت بعض الجهات أن أميركا ستكون الرابحة في هذا الصراع التجاري، يرى آخرون أن العواقب ستكون وخيمة على الجميع .
مجلة 24 استضافت رئيس جمعية مصارف مملكة البحرين الدكتور عدنان يوسف للاظلاع منه على تاثير قرارات الرئيس ترامب على الاسواق الغالمية وعلى اسعار العملات المشفرة والذهب والنفط وهذا هو نص الحوار :
*يخشى خبراء الاقتصاد وصناع القرار ان تتحول الاجراءات الحمائية التي اتخذها الرئيس الاميركي الى حرب تجارية قد تمتد تداعياتها على اسواق المال وتؤثر على النمو الاقتصادي العالمي وعودة نسب التضخم الى الارتفاع ، فما هو رايك ؟.
- رأيي أن هذا التخوّف في محلّه، لأن الإجراءات الحمائية، مثل فرض الرسوم الجمركية أو فرض قيود على الواردات، قد تؤدي بالفعل إلى حرب تجارية إذا ردّت الدول المتضررة بإجراءات مماثلة. هذا النوع من التصعيد يمكن أن يضر بالتجارة الدولية، ويؤثر سلباً على سلاسل الإمداد العالمية، مما يؤدي إلى تقلبات في أسواق المال، وتباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي .
كما أن تقليل المنافسة الخارجية قد يدفع بالأسعار إلى الارتفاع داخل الدولة التي تفرض الحماية، مما يساهم في عودة التضخم. ومع أن الهدف من الحماية قد يكون دعم الصناعات الوطنية، إلا أن الآثار الجانبية السلبية مثل فقدان ثقة المستثمرين وارتفاع تكاليف الإنتاج قد تفوق المكاسب قصيرة الأجل .
بالتالي، الحذر ضروري، ويجب أن تُدرس هذه السياسات بعناية ضمن سياق التعاون الدولي والمصالح المشتركة .
· *تعهد الرئيس ترامب بتشريع العملات الرقمية وادخالها الى احتياط العملات ، الا يؤثر ذلك غلى وضع الدولار كعملة تسعير في التجارة العالمية . وكيف تنظر الى مستقبل هذه العملات .
- سؤالك مهم جداً، لأنه يلامس قضية جوهرية في النظام المالي العالمي، وهي موقع الدولار كعملة مهيمنة، والتحديات التي قد تواجهه من العملات الرقمية، خصوصاً إذا تم دعمها أو تقنينها رسمياً من قبل دول كبرى مثل الولايات المتحدة .
فيما يخص سؤالكم هل تشريع العملات الرقمية وإدخالها في الاحتياطيات يؤثر على وضع الدولار؟ نجيب بنعم، يمكن أن يكون لذلك تأثير، لكن المسألة تعتمد على كيفية التنفيذ ونوع العملات الرقمية المستخدمة:
ا- اذا كانت العملات الرقمية لا مركزية مثل البيتكوين فأن اذخالها ضمن الاحتياطيات قد يضعف قليلا من هيمنة الدولار على المدى الطويل ، لانها تمنح الدول والبنوك المركزية ادوات بديلة للتداول والاحتفاظ بالقيمة .·
· لكن الدولار سيبقى مهيمناً لفترة، لأن أغلب التجارة العالمية، وأسواق الطاقة، والديون السيادية، لا تزال مقومة به .
ب - إذا كانت عملات رقمية مركزية (مثل الدولار الرقمي)
· في هذه الحالة، لا يتأثر وضع الدولار، بل قد يتعزز، لأن الدولار الرقمي يصبح أداة أسرع وأرخص للتعاملات الدولية، مما يزيد من استخدامه .
· لكن هذا قد يعرقل انتشار العملات الرقمية الأخرى (مثل بيتكوين أو إيثيريوم) بسبب وجود بديل رسمي مدعوم من الدولة ..
اما عن سؤالك عن مستقبل العملات الرقمية، فهي امامها الكثير من الفرص لكن هناك تحديات
· فيما يخص الفرص:
السرعة وخفض تكاليف التحويلات.
شفافية المعاملات وسهولة التتبع.
إمكانية الشمول المالي في المناطق التي لا تصل إليها البنوك.
· اما التحديات فهي:
تقلب الأسعار في العملات المشفرة مثل بيتكوين يجعلها غير مناسبة حالياً كوسيلة تسعير أو احتياط موثوق .
الرقابة والتنظيم: الحكومات تخشى فقدان السيطرة على السياسات النقدية وغسيل الأموال
الأمن السيبراني والاختراقات تمثل تهديداً مستمراً.
خلاصة الرأي ان تشريع العملات الرقمية وضمها إلى الاحتياطيات قد يكون خطوة استراتيجية لتحديث النظام المالي، لكنه لن يُقصي الدولار من مركزه بسهولة، إلا إذا ظهرت عملة رقمية مستقرة ومدعومة دولياً قادرة على منافسته في تسعير السلع وتسهيل المعاملات التجارية.
· *ما مدى تاثير توقف الحرب الاوكرانية الروسية على اسعار النفط والذهب ، ولماذا تعارض بعض الدول الاوروبية توقف هذه الحرب .
-سؤالك في غاية الأهمية، لأنه يربط بين الجغرافيا السياسية والأسواق العالمية. دعنا نحلل الجانبين:
أولاً فيما يخص تأثير توقف الحرب الأوكرانية الروسية على أسعار النفط والذهب
لقد تسببت الحرب في اضطراب الإمدادات من روسيا، وهي واحدة من أكبر منتجي النفط والغاز في العالم. لذلك، فأن توقّف الحرب قد يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط نسبياً بسبب عودة صادرات النفط والغاز الروسية بشكل أكثر انتظاماً وتراجع المخاوف الجيوسياسية التي عادةً ما ترفع الأسعار، علاوة على استقرار أسواق الطاقة الأوروبية، التي اضطرت للبحث عن بدائل مكلفة.
لكن التأثير لن يكون فورياً، لأن بعض العقوبات الأوروبية قد تبقى سارية. كما ان إعادة بناء البنية التحتية للطاقة قد تستغرق وقتاً .
وفيما يخص اسعار الذهب، فأن الذهب يُعتبر ملاذاً آمناً في أوقات الحروب والأزمات. وعند توقف الحرب، تنخفض درجة عدم اليقين، وبالتالي قد ينخفض الطلب على الذهب، مما يؤدي لانخفاض سعره. ومع ذلك، يبقى الطلب على الذهب مدعوماً بعوامل أخرى مثل التضخم والسياسات النقدية.
ثانياً عن سؤالكم لماذا تعارض بعض الدول الأوروبية توقف الحرب؟
هذا يبدو غير منطقي على السطح، لكن هناك تفسيرات سياسية واستراتيجية
. الخوف من انتصار روسي سياسي أو عسكري
بعض الدول ترى أن وقف الحرب في هذه المرحلة قد يمنح روسيا مكاسب جيوسياسية (مثل ضم أجزاء من أوكرانيا) على استخدام القوة مستقبلاً.
.
الموقف الأخلاقي والدفاع عن القانون الدولي
هناك قناعة لدى بعض الدول بأن إيقاف الحرب دون انسحاب روسي كامل يُعتبر شرعنة للعدوان.
لذلك تفضّل استمرار الدعم العسكري لأوكرانيا لتحقيق توازن أو انتصار دبلوماسي يضمن السيادة الأوكرانية.
التوازنات داخل أوروبا والناتو
دول مثل بولندا ودول البلطيق تخشى من طموحات روسية توسعية، وتريد إضعاف روسيا قدر الإمكان من خلال استنزافها في أوكرانيا.
في المقابل، دول مثل المجر تميل أكثر إلى الحلول السلمية.
والخلاصة ان توقف الحرب الأوكرانية الروسية سيُخفّض من أسعار النفط والذهب بشكل عام بسبب تراجع المخاطر الجيوسياسية وعودة الاستقرار. لكن بعض الدول الأوروبية تعارض وقف الحرب الآن خوفاً من تثبيت واقع جيوسياسي غير عادل، أو تمكين روسيا من تحقيق أهدافها بالقوة.
· *الى اي حد تأثرات اسواق المال العربية من التغيرات السياسية والاقتصادية الحاصلة بعد تسلم الرئيس ترامب سدة الرئاسة ..
تأثرت أسواق المال العربية بدرجات متفاوتة بعد فرض الرئيس ترامب ضرائب ورسوم جمركية على دول العالم، ضمن سياسته الحمائية، وخصوصاً في إطار الحرب التجارية مع الصين وأوروبا. التأثير لم يكن مباشراً دائماً، لكنه جاء عبر عدة قنوات اقتصادية ومالية، على سبيل المثال
. التأثير على الاقتصاد العالمي والأسواق الناشئة:
- فرض الرسوم الجمركية أدى إلى تباطؤ في التجارة العالمية، مما أضعف النمو العالمي
- الأسواق العربية – وخصوصاً غير النفطية – تعتمد على التجارة الخارجية والاستثمار الأجنبي، فتأثرت سلباً من تراجع النشاط العالمي .
- المستثمرون الأجانب أصبحوا أكثر تحفظاً تجاه الأسواق الناشئة (ومنها العربية) بسبب ازدياد المخاطر العالمية.
. التأثير على أسعار النفط:
- الحرب التجارية أدت إلى تراجع الطلب العالمي على النفط، ما ضغط على الأسعار
- انخفاض أسعار النفط يعني تراجع إيرادات الدول الخليجية، وهذا ينعكس على أداء أسواق المال المحلية (كمثال: انخفاض أرباح الشركات المدرجة، خاصة في قطاعات الطاقة والبنوك) .
- الأسواق الخليجية (تداول، دبي، أبوظبي) كانت الأكثر حساسية لهذه التغيرات
- سحب الاستثمارات من الأسواق الناشئة
- السياسات الحمائية الأميركية عززت جاذبية السوق الأميركية ودفعت المستثمرين نحو الأصول الآمنة.
- النتيجة: خروج رؤوس أموال من بعض الأسواق العربية، خاصة تلك التي تعتمد على - الاستثمارات الأجنبية (مثل مصر، تونس، المغرب)
. - هذا أدى إلى انخفاض السيولة وتقلبات في مؤشرات الأسواق
. ارتفاع الدولار الأميركي
- فرض الضرائب ورفع الفائدة جعل الدولار اقوى
بما أن العديد من العملات العربية مرتبطة بالدولار (مثل الريال السعودي، الدرهم الإماراتي)، فإن هذا جعل الصادرات العربية أقل تنافسية.
كذلك، ارتفعت تكلفة خدمة الديون بالدولار في الدول ذات المديونية المرتفعة (مثل مصر ولبنان)، ما زاد الضغط على الأسواق المالية.
أثر معنوي ونفسي في الأسواق
- فرض ترامب الضرائب على الصين وأوروبا خلق مناخاً من عدم الاستقرار التجاري والسياسي.
- هذا أدى إلى تقلبات حادة في الأسواق العالمية، وانعكست حالة الحذر على المتعاملين في الأسواق العربية أيضاً، خاصة المستثمرين الأجانب