لاشك ان زيارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى منطقة الشرق الاوسط تأتي في توقيت بالغ الحساسية، حيث يحاول مجدداً إبراز الولايات المتحدة كقوة محورية في حل النزاعات الإقليمية، وخصوصاً في ما يتعلق بإنهاء القتال في غزة واحتواء البرنامج النووي الإيراني. ورغم أن تحقيق هذه الأهداف لا يزال بعيد المنال، إلا أن المبادرة السياسية بحد ذاتها تضع واشنطن في موقع اللاعب الأساسي الذي لا يمكن تجاوزه.
الزيارة تعكس رغبة ترامب في إعادة تثبيت العلاقات التاريخية مع الحلفاء الخليجيين، خصوصاً السعودية والإمارات وقطر. هذا من شأنه أن يعزز التنسيق السياسي والأمني ويبعث برسالة واضحة للخصوم الإقليميين بأن واشنطن لا تزال تملك نفوذاً قوياً في الشرق الأوسط.
رغم تعقيدات الواقع السياسي الحالي، يسعى ترامب لإحياء مسار التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج، عبر البناء على اتفاقيات إبراهيم. حتى وإن لم يتحقق اختراق علني خلال هذه الزيارة، فإن مجرد إبقاء هذه المبادرة قيد التداول يعزز من دور الولايات المتحدة كراعية للسلام في المنطقة.
رسالة واضحة لمواجهة التطرف
التصريحات الرسمية للبيت الأبيض تشير إلى أن ترامب سيؤكد على رؤيته لمنطقة “مزدهرة، آمنة، وهزيمة للتطرف”، ما يعزز مكانة الولايات المتحدة كقائد في مكافحة الإرهاب.
استثمارات هائلة
أبرز ما يميز الزيارة هو إعلان السعودية عن نيتها استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع المقبلة، وتعهد الإمارات بإنفاق 1.4 تريليون دولار خلال عشر سنوات. هذه الأرقام الضخمة تمثل ضخاً استثمارياً غير مسبوق سيساعد في دعم الاقتصاد الأمريكي وخلق فرص عمل جديدة.
دعم قطاع الصناعات الدفاعية الأمريكية
التجربة السابقة في زيارة ترامب الأولى عام 2017 أظهرت التوقيع على صفقات أسلحة ضخمة (أُعلن عنها بقيمة 110 مليارات دولار)، والتي عززت قطاع الصناعات الدفاعية. ورغم أن جزءاً كبيراً من هذه الصفقات لم يُنفذ بعد، فإن الإعلان عنها شكّل دعماً نفسياً واقتصادياً للسوق الأمريكي.
قائد اقتصادي
في ظل غياب إنجازات سياسية واضحة حالياً، تُعتبر هذه الاستثمارات والصفقات أداة قوية لترامب لإبراز إنجازاته أمام الرأي العام الأمريكي كقائد “يعيد الأموال والفرص إلى الوطن”، خصوصاً في خضم حملته الانتخابية الجديدة.
تحفيز التعاون التجاري والثقافي
الزيارة ستُفضي أيضاً إلى تعزيز العلاقات التجارية والثقافية بين الولايات المتحدة ودول الخليج، بما يسهم في خلق بيئة استثمارية طويلة الأمد ويعزز من اندماج الاقتصاد الأمريكي مع اقتصادات هذه الدول الصاعدة.
زيارة ترامب ليست مجرد بروتوكول سياسي بل تحرك محسوب لتعزيز المصالح الأمريكية في المنطقة، سياسياً عبر استعادة الدور القيادي لواشنطن، واقتصادياً من خلال تأمين تدفقات استثمارية ضخمة تدعم الاقتصاد المحلي. رغم أن تحقيق اختراقات سياسية كبيرة يبدو صعباً في ظل تعقيدات الحرب في غزة والتوترات مع إيران، إلا أن الأهداف الاقتصادية للزيارة تعد مكسباً واضحاً للولايات المتحدة ولترامب شخصياً في مسعاه لإعادة انتخابه.