في زاوية صغيرة من شرق المتوسط، يمتدّ وطنٌ يشبه الأسطورة ويشبه الأحلام . بلد تختلط فيه الأزمنة، وتتعانق فيه الحضارات، وتتنافر فيه الطوائف، وينهض من تحت الرماد كأنه يأبى الفناء .
في لبنان، تنبت قلاعٌ رومانية من قلب الجبال، وتنساب المغارات من أحشاء الصخور، وتُنسَج الحكايات من تناقضات السياسة والاجتماع والإقتصاد. بلدٌ فيه حكومة لا تحكم، وشعب لا يستسلم، ومجلس نواب أعضاءه ضد التشريع وأجهزة رقابية تتلهى بجلسات القهوة الصباحية وفساد يتحوّل إلى مشهد يومي، لكنه لا يُخفي روعة مدينة ساحلية، أو دفءَ قرية جبلية، أو إصرار شاب لبناني يحلم رغم كل شيء .
هذا المقال ليس رصداً للعجائب فقط ، بل محاولة لفهم: كيف يمكن لوطنٍ أن يكون مدهشاً إلى هذا الحد وموجعاً الى هذا الحد في الوقت ذاته؟ .
في حضرة العجائب سأعرفكم على بلدٍ إسمه لبنان، وطنٌ صغير، بعجائب لا تُعدّ ولا تحصى حيث الواقع يفوق الخيال فيمثِل مرآة الجمال والبشاعةِ في آن. إليكم بعض عجائب لبنان التي ستجعل من لبنان أعجوبةً من عجائب الدنيا التي من الممكن أن لا تتكرر في أي بلدٍ آخر .
العجيبة الأولى : البنك يقسّط أموال الزبائن ويمتنع عن دفعها دون موعد مسبق .
العجيبة الثانية: المهرّبون يقطعون الطريق الحدوديّة احتجاجًا على منعهم من التهريب .
العجيبة الثالثة: الأحزاب والحزبيّون يتقاتلون قبل الظهر، ويتحالفون في الانتخابات النيابيّة والبلدية والنقابيّة والجامعيّة بعد الظهر..
العجيبة الرابعة: إلقاء القبض على رجل يَسرُق أمواله .
العجيبة الخامسة: المتّهم والمدعى عليه يخاصمون القاضي ويدعون عليه .
العجيبة السادسة: الطرقات عائمة بالمياه ولكن السدود فارغة .
العجيبة السابعة: العلمانيّون يتحالفون مع المذهبيين المتزمتين دينياً ويبررون التحالف بالضرورة الوطنية .
العجيبة الثامنة: المتوفّون يشاركون في الانتخابات اللبنانية بكثافة ويهددون الدولة إذا أوقفت رواتبهم التقاعدية بالإمتناع عن الإنتخاب لاحقاً .
العجيبة التاسعة: حزب لبناني يفصل الوزير الذي يمثّله بسبب مشاركته في اجتماع مجلس الوزراء .
العجيبة العاشرة : مياه بيروت وجبل لبنان تعلن عن تقنين اضطراري للمياه بسبب الإرتفاع الكبير في معدل ونسبة الأمطار .
العجيبة الحادية عشرة : عصابة سرقة السيّارات تسرق جثة السائق وتترك السيّارة قتقوم قوى الأمن بحجز السيارة المسروقة وتستمر بالبحث عن السارقين .
العجيبة الثانية عشرة: عشرة جرحى بعضهم أصيب إصابات حرجة برصاص إحتفالي طائش بعد قصف من طائرات حربية لم يُسفر عن أي إصابة .
العجيبة الثالثة عشرة: كيف لا يزال الشعب اللبناني على قيد الحياة ولسان حال اللبناني يقول : بعدنا طيبين !! .