خاص الولايات المتحدة
في خطوة تعكس تحوّلاً استراتيجياً في العلاقة بين واشنطن وأبوظبي، وقّعت الولايات المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة اتفاقاً لإنشاء أكبر مجمع للذكاء الاصطناعي خارج الأراضي الأميركية، خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط. ويُعد هذا الاتفاق أحد أبرز محاور السياسة التكنولوجية للإدارة الحالية التي تسعى لترسيخ الهيمنة الأميركية في مجال الذكاء الاصطناعي، في ظل تنافس محتدم مع الصين.
مركز بيانات عالمي في قصر الوطن
سيتم بناء المركز الجديد في “قصر الوطن”، المقر الرئاسي في العاصمة الإماراتية أبوظبي، حيث سيُشكل منصة إقليمية عملاقة للشركات الأميركية المتخصصة في خدمات الحوسبة السحابية وإدارة البيانات المعروفة باسم “الهايبرسكيلرز”. ووفقاً لوزارة التجارة الأميركية، فإن هذه الشركات ستتمكن من تقديم خدمات عالية السرعة ومنخفضة التأخير إلى ما يقرب من نصف سكان العالم، ممن يعيشون ضمن نطاق 2000 ميل من الإمارات.
وقال وزير التجارة الأميركي هوارد لَتْنِك في بيان الخميس: “في الإمارات، ستدير الشركات الأميركية مراكز البيانات وستوفر خدمات سحابية أميركية مُدارة عبر كامل المنطقة. هذا الاتفاق يُعدّ محطة أساسية في تحقيق رؤية الرئيس ترامب لجعل أميركا في طليعة هيمنة الذكاء الاصطناعي عالمياً”.
وصول موسّع إلى شرائح Nvidia
بموجب الاتفاق، ستتمكن الإمارات من استيراد ما يصل إلى 500 ألف شريحة ذكاء اصطناعي متقدمة من شركة Nvidia سنوياً اعتباراً من عام 2025. ويُعد هذا تطوراً كبيراً للدولة الخليجية التي كانت تعاني من قيود تصديرية مشددة في عهد إدارة الرئيس السابق جو بايدن، نتيجة مخاوف من إمكانية وصول التكنولوجيا الأميركية إلى الصين عبر أطراف ثالثة.
ويُذكر أن دولة الإمارات التزمت أيضاً بالاستثمار في مراكز بيانات أميركية تُضاهي في قوتها وحجمها تلك التي ستُقام داخل أراضيها، ضمن إطار استثماري بقيمة 1.4 تريليون دولار أُعلن عنه سابقاً في مارس.
مخاوف أمنية وردود فعل سياسية
رغم الاحتفاء بالاتفاق من قبل الشركات التكنولوجية الكبرى مثل OpenAI وNvidia، إلا أن الاتفاق لم يمر دون جدل. فقد انتقد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، الصفقة بشدة، معتبراً أنها “قد تكون خطيرة”، مضيفاً: “ترامب يوافق على بيع أكثر التقنيات حساسية مقابل وعود غامضة باستثمارات أجنبية”.
وحذّر شومر من أن “الصفقة تفتقر للشفافية بشأن الكيفية التي ستمنع بها الإمارات والسعودية وصول الحزب الشيوعي الصيني أو الحكومة الصينية أو القطاع الصناعي الصيني إلى هذه الشرائح”.
وفي ضوء هذه التحذيرات، أكد وزير التجارة هوارد لَتْنِك أن الاتفاق يتضمن “ضمانات أمنية قوية” تحول دون تحويل التكنولوجيا الأميركية إلى جهات غير مخولة. كما شدد البيت الأبيض على أن الإمارات التزمت بمزيد من المواءمة بين قوانينها الوطنية للأمن مع المعايير الأميركية، خاصة فيما يتعلق بمنع تحويل التكنولوجيا الحساسة.
وقد دفع تصاعد تقارير تهريب الشرائح الأميركية إلى الصين مجموعة من المشرّعين في الكونغرس إلى تقديم مشاريع قوانين تُلزم بوجود أنظمة تتبع للموقع الجغرافي داخل شرائح الذكاء الاصطناعي، وإبلاغ السلطات في حال حدوث أي تحويل غير مصرح به للتقنية.
إيجابيات الاتفاق:
يمنح الإمارات مكانة رائدة كمركز إقليمي للذكاء الاصطناعي -
-يفتح الأسواق الخليجية أمام شركات أميركية كبرى ويعزز نفوذها التكنولوجي
-يُساهم في بناء مراكز بيانات تحت إشراف أميركي مباشر في بيئة استراتيجي ..
- يعزز الشراكة الأمنية – التقنية بين الولايات المتحدة والإمارات
سلبيات الاتفاق:
- يثير مخاوف بشأن إمكانية تسرب التكنولوجيا الحساسة إلى الصين
- يُنظر إليه كصفقة تجارية تتجاوز المخاوف الأمنية لبعض المشرّعين الأميركيين .
- قد يُصعّد التوترات بين واشنطن وحلفاء آخرين في المنطقة
- يتطلب مراقبة صارمة للتنفيذ على أرض الواقع لتفادي الانحراف عن الأهداف المعلنة .
في النهاية، يعكس هذا الاتفاق محاولات الولايات المتحدة لاستعادة السيطرة في ساحة تكنولوجية تتسابق فيها القوى العالمية، فيما تسعى الإمارات لإثبات نفسها ليس فقط كمستهلك للتكنولوجيا، بل كصانع وشريك فاعل في صناعتها