لبنان : الودائع بين خطط معلّقة ومؤامرة التشريع

 لبنان : الودائع بين خطط معلّقة ومؤامرة التشريع

منذ ست سنوات على الانهيار، لا تزال الودائع رهينة صمت المشرّعين وتواطؤ المصارف وتقاعس القضاء.جوهر الأزمة هو فجوة مالية هائلة تفوق 70 مليار دولار، مقابل عجز دولة مفلسة ومصرف مركزي غارق بالهندسات.

المبدأ الحاكم ينص على أن لا عدالة بلا حماية صغار المودعين، ولا إصلاح من دون محاسبة المشرّعين الذين يماطلون في إقرار القوانين عمداً لحماية مصالحهم وحلفائهم.

أما بالنسبة لأدوات التنفيذ الحقيقية فهي :

•        حماية كاملة للودائع الصغيرة.

•        إعادة هيكلة المصارف المتعثرة وإقفال غير القابلة للاستمرار.

•        إنشاء صندوق استرداد الودائع ممول من الأصول العامة وعائدات استرداد الأموال المنهوبة.

•        فرض أدوات دين/ملكية على كبار المودعين بشكل منصف.

•        مسار تشريعي عاجل تحت رقابة دولية.

•        اتفاق مع صندوق النقد مشروط بإصلاحات لا تحتمل المساومة.

من خلال الأدوات المذكورة فالمخرجات المتوقعة هي : استعادة تدريجية للثقة، تحرير جزئي للودائع، وضبط المخاطر الاجتماعية والنقدية.

تجدر الإشارة الى أنه في خلفية وسياق الأزمة فإن الأزمة لم تكن قدرية، بل صناعة مشتركة بين:

•        حكومات موّلت عجزها من ودائع الناس.

•        مصرف مركزي تلاعب بالعملة وبالهندسات المالية.

•        مصارف تجارية استفادت من الفوائد الخيالية.

•        مشرّعين صاغوا قوانين تحمي المنظومة بدل حماية المودع.

وهكذا فالنتيجة كانت:  قيود على السحوبات، انهيار سعر الصرف، ركود عميق، وتهشيم كامل للثقة.

بطبيعة الحال فالحل ليس رزمة ترقيع بل قلب المعادلة وإجبار المنظومة على الاعتراف بمسؤولياتها.

والحل يتطلب مبادئ تكون موجِّهة بشكل: 

1.  حماية صغار المودعين بلا مساومة.

2. توزيع الخسائر وفق المسؤولية، لا وفق الضعف.

3. شفافية ومحاسبة قضائية وتشريعية.

4. تنفيذ صارم، لا بيانات شكلية.

5. استدامة نقدية تمنع تكرار الجريمة.

أما بالنسبة لتوزيع الخسائر – فالمقترح الشجاع هو كالآتي: 

    الطرف المعني          نسبة تحمّل الخسائر         المبرر

•        الدولة اللبنانية •        40%  •        المسؤول الأول عن العجز والسياسات العشوائية.

•        مصرف لبنان •        20%  •        سياسات نقدية متهورة وتمويل غير مشروع.

•        المصارف التجارية    •        20%  •        راكمت أرباحاً على حساب المودعين.

•        المودعون الكبار       •        20%  •        مساهمة عادلة عبر أدوات مالية أو أسهم إلزامية.

•        صغار المودعين       •        0%    •        حماية مطلقة حتى سقف 100 ألف دولار.

وللمقترح الشجاع جدول زمني بمثابة خارطة طريق ( 24  شهراً)

•        0-3 أشهر: تشريع عاجل لتحديد حجم الفجوة، مع تدقيق مستقل دولي.

•        4-9 شهر: تصنيف المصارف، إطلاق صندوق الاسترداد، ودفع الودائع الصغيرة فوراً.

•        10-18 شهراً: فرض أدوات مالية على كبار المودعين، إطلاق مسار استرداد الأموال المنهوبة.

•        19-24 شهراً: بدء تعويض الودائع المتوسطة، وإصدار تقارير شفافية علنية ربع سنوية.

لا بد من الإشارة الى أن العقد تمثلت في عقم المعالجة لذلك لا بد من فضح المؤامرة التشريعية.

فحتى اليوم، يرفض البرلمان إقرار قوانين أساسية مثل الكابيتال كونترول وتوزيع الخسائر، ليس جهلاً بل تعطيلاً مقصوداً يهدف إلى حماية المصارف والسياسيين المساهمين فيها. كل تأخير تشريعي هو قرار سياسي بتمديد سرقة المودعين.

وكي لا يعتبر مقترحنا للحل مستحيل نلجأ لبعض المقارنات الدولية التي مثلت دروس قاسية:

•        قبرص (2013): حماية صغار المودعين بوضوح.

•        آيسلندا (2008): تحميل المساهمين العبء الأكبر، مع محاسبة جنائية.

•        اليونان: خطة إنقاذ مشروطة بإصلاحات صارمة.

•        الأرجنتين: أبرزت ثمن المماطلة، حيث ضاعت الثقة إلى الأبد.

بالنتيجة وبإختصار إن أزمة الودائع ليست معضلة تقنية بل جريمة سياسية – مالية موصوفة. المشرّعون مسؤولون عن تعطيل الحلول، والمصارف شريكة في التواطؤ، والدولة هي السارق الأول.

المطلوب:

•        تحرير صغار المودعين فوراً. 

•        تشريعات عاجلة لا تقبل التسويف.

•        محاسبة علنية للطبقة السياسية – المصرفية.

•        رقابة دولية على الصندوق وأصول الدولة.

من دون ذلك، ستبقى الودائع أرقاماً محتجزة، وسيبقى المودع اللبناني الضحية الوحيدة في معادلة فساد منظم.