الدولار الاميركي وتاريخ الامبراطوريات

الدولار الاميركي وتاريخ الامبراطوريات

 

 

 

لا يمكن عزل موضوع الدولار الاميركي في غير سياق التاريخ،   فالتاريخ يؤرخ لنا نشؤء وصعود ثم هبوط الامم ، والتاريخ القديم والحديث يتكلم عن امبراطوريات أثرت في حياة الامم الاخرى وغيرت مسارات هامة في حياة شعوبها من امبراطورية روما الى الامبراطوريات الاسلامية/العربية مرورا بامبراطورية شارلمان وامبراطورية نابوليون الى امبراطورية بني عثمان وامبراطوريات الانكليز.

اليوم يعيش العالم في ظل الامبراطورية الاميركية بالتزامن مع صعود الامبراطورية الصينية والتي يتجلى تصاعدها مع مقاربة الناتج الاقتصادي لديها الى الناتج الاقتصادي الاميركي.

مع انتهاء الحرب الكونية الثانية اصبح الدولار الاميركي عملة التجارة الدولية مثبتا انتصار الولايات المتحدة الاميركية على اليابان والمانيا. وقد تكرس هذا الامر مغ انعقاد مؤتمر بريتون وودزBretton Woods  غام 1944 واوائل سبعينات القرن المنصرم فك ارتباط العملة الاميركية بسعر الذهب واصبح قوة الدولار حكرا على قوة الاقتصاد الاميركي حصرا.

الصعود الصيني ومعه اقتصاديات اخرى كالهند والبرازيل وبلاد الخليج والتغيرات السياسة المترافقة مع تعاظم الانتاج والتكنولوجيا والطاقة تؤشر الى مرحلة جديدة من استقطاب او تركز مصادر الانتاج. الاحصائيات تشير بشكل واضح في زيادات مستمرة على مدى العقود السابقة وبنسب مرتفعة لدى الصين والهند وبلاد الخليج في الناتج القومي لديها مع تباطؤ واضح في الناتج القومي للولايات المتحدة واوروبا واليابان. وهذا من العوامل المؤثرة في تغيرات القوى الكبرى على صعيد العالم.

ان المتغيرات في ميزان القوى في العالم لا بد ان يرخي في ظلاله على ما تنوي او تستطيع ان تفعله الامبراطوريات الصاعدة على صعيد الاكتفاء او القبول في الحقيقة المتواجدة حاليا بالنسبة الى كون الدولار الاميركي عملة التجارة الدولية.

في اعتقادي ومن منطلق اقتصادي وتاريخي بان الولايات المتحدة الاميركية هي في سباق مع الزمن للحفاظ على المكانة الاولى من بين الامم مع ترجيحي بان احتمال الوصول من قبل الصين او الهند الى مرتبة متقاربة مع اميركا يبقى احتمالا قويا.

 ان السيطرة الاقتصادية الاميركية على مستوى العالم ستبقى لعقود طويلة دون اغفال التهديد الجدي من قبل القوى الاخرى وذلك لعدة اسباب من اهمها عظمة الدستور الاميركي والجغرافيا الاميركية المحصنة بين

 

المحيطين والاقتصاد الليبرالي القائم على تشجيع الابتكار والاستثمار واستقطاب العنصر البشري من انحاء العالم والطبيعة المعطاء الخ.

لكل هذه الاسباب لا ارى في المستقبل القريب او المتوسط اية امكانية لاستبدال عملة التجارة الدولية من الدولار الاميركي الى غيره من العملات الأخرى.

هذا مع العلم بان الحتمية التاريخية ترجح تهديدا جديا لمكانة الدولار عالميا في المدى الابعد وهذا يتوقف على عاملين : الاول يبقى اميركيا ويتمثل في تماسك النظام السياسي والذي يحاط حاليا ببعض الانقسامات الداخلية والتي بدات في الظهور ابان حرب فيتنام وتمظهرات في شكل فاضح اثناء حكم ترامب وخصوصا عند هجوم بعض انصاره على مبنى مجلس النواب الاميركي لرفضه نتائج الانتخابات الرئاسية والتي رفض فيها خسارته لها، اما العامل الثاني فيعود لمدى انفتاح السياسية الاقتصادية لمنافسي اميركا والى مدى استعدادهم لاحترام وتتشجع الحوكمة ومحاربة الفساد.

ان التاريخ ان حكى وهو يحكي دائمآ ولكن في العديد من الازمنة تصم الاذان ولا تريد ان تسمع كما تعمى العيون عن التبصر في ابسط الامور، التاريخ يروي بان تبدل الامبراطوريات وصعود وهبوط البعض منها تترافق عادة مع احداث كبرى على مستوى العالم وخصوصا الحربية منها.