تهدئة تجارية وارباح بنوك ايجابية

 تهدئة تجارية وارباح بنوك ايجابية

أنهت وول ستريت جلسة الأمس على تراجع بسبب تصاعد التوتر على "زيت الطبخ"، ما يعكس مزيج من الحذر الطبيعي والتقليل من الانكشاف مع عوده مخاطر التجارة الى الواجهة. تراجع ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.2% ، بينما انخفض ناسداك 100 بنحو 0.7% ، متأثر بضعف أداء أسهم التكنولوجيا القيادية التي كانت المحرك الأساسي للصعود الأخير. ورغم هذا التراجع المحدود ، فإن الصورة العامة تبقى إيجابية نسبياً، إذ تشير المؤشرات إلى أن الأسواق ما زالت تتحرك ضمن نطاق صاعد مدعوم بتوقعات خفض الفائدة واستمرار السيولة.

أسواق السندات الأميركية شهدت بعض الطلب في الجلسة الأخيرة مع ميل طفيف لانخفاض العوائد، إذ تراجع العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى ما دون 4.02%، فيما بقي العائد القصير الأجل  عند مستويات 3.47% بإنخفاض جانبي، ما أبقى منحنى العائد في حالة انعكاس محدودة. هذه التحركات تشير إلى استمرار القناعة بأن الفيدرالي الأميركي يستمر في دورة خفض الفائدة ، لكن غياب البيانات في المرحلة الحالية بسبب الإغلاق الحكومي الذي يدخل الاسبوع الثالث يجعل هذه البوصلة محدوة الرؤية.

في سوق العملات ، تحرك مؤشر الدولارDXY بشكل جانبي بين 98 و99 وفقط في اتجاه جانبي لا يتجاوز عمقة 0.7% منذ الخميس الماضي، وفي نفس الاثناء توازن الين الياباني الذي واصل الانخفاض مع تزايد الرهانات على استمرار السياسة النقدية المتساهلة في اليابان ، بالتزامن مع توجهات القيادة الجديدة لرفع الإنفاق الحكومي. في المقابل ، اليورو بقي تحت ضغط محدود بسبب التوترات السياسية في فرنسا التي تستمر معنا.

السلع تقف عند اداء متباين. النفط الخام برنت واجه ضغوط واضحة حيث اختبر السعرمستوى 62 دولار للبرميل مع عودة المخاوف التجارية الى الواجهه وزيادة الانتاج الاخير من اوبك+ ، وهو ما يتم النظر الية من الاسواق كعامل ضغط واضح على اسعار الخامات. الذهب واصل تألقه مستفيد من البيئة الحالية ، إذ بقي فوق مستوى 4150 دولار للأونصة واختبر مستوى اعلى جديد في التداولات المبكرة اليوم عند 4189 ، في إشارة إلى أن المستثمرين ما زالوا يرونه الاداة الامثل في ظل البيئة الحالية ، والطلب المؤسسي يتزايد بوضوح ، ومع تحقيقه مكاسب تتجاوز 59% منذ بداية العام ، يستمرالذهب في تأكيد مكانته كأصل أساسي في التنويع وإدارة المخاطر.

Image

ورغم الحذر العام في الاسهم ، فقد جاء موسم أرباح البنوك الأميركية ليعزز الشعور بأن القطاع المالي أكثر صلابة وفي موقف قوة. بنك JPMorgan أعلن عن نتائج قوية في مختلف وحداته ، بدء من إدارة الأصول إلى الخدمات المصرفية الاستثمارية ، مدعوم بارتفاع نشاط التمويل والرسوم. كذلك ، Citigroupحقق نمو في صافي الدخل بلغ 16% إلى نحو 3.8 مليار دولار متجاوز التوقعات ، رغم خسائر بيع وحدته في المكسيك. Goldman SachsوWells Fargoقدما أرقام متينة بفضل أنشطة التداول، وهو ما أعاد للقطاع المالي بريق بعد فترة من القلق من الهوامش.

ردة فعل السوق على هذه النتائج جاءت متباينة لكنها إيجابية في المجمل ، إذ ارتفعت أسهم البنوك الكبرى بين 1 و3% في بداية الجلسة قبل أن تتراجع قليلا لاحقاً بفعل جني الأرباح. ومع ذلك ، فإن القراءة الأعمق تُظهر أن هذه النتائج قد قلّلت من مخاوف تباطؤ الائتمان أو تآكل الهوامش مع خفض الفائدة. البنوك لم تعد متلقي سلبي لدورة السياسة النقدية ، بل أصبحت طرف فاعل في دينامية التوسع المالي الجديدة وربما تقديم حقب ائتمانية للصناعات الرئيسية مثل ما تم تقديمة من جي بي موغان مؤخراً.

وفي الوقت الذي تعود فيه أرباح البنوك إلى الواجهة مع افتتاح موسم الارباح للربع، تبقى قضية تقييمات الأسهم محور النقاش الأبرز مع كلمة "فقاعة" تسجل مستوى جديد في عدد الاستخدام. أحدث استطلاع لبنك أوف أمريكا أظهر أن 54% من مديري المحافظ الاستثمارية يعتبرون أن أسهم التكنولوجيا أصبحت باهظة الثمن وربما في "منطقة فقاعة". غير أن التقييمات الفعلية تشير إلى واقع أكثر اتزان. فمضاعف الربحية لمؤشر ناسداك 100 تراجع من نحو 31 مرة في بداية عام 2024 إلى 26 في بداية العام الحالي

ولان عند 27.5 ، بينما بلغ مضاعف الربحية في ستاندرد آند بورز 500 نحو 22.75 مرة مقارنة بـ23 مرة عند مطلع العام ، وهي مستويات مرتفعة ولكن ليست مفرطة.

Image

بعبارة أخرى ، السوق يبدو غالياً لكنه لم يصل إلى حدود الفقاعة بعد. فمع ثبات نمو الأرباح ومرونة الاقتصاد الأميركي ، لا تزال التقييمات ضمن النطاق المقبول تاريخيا وايضاً بدعم من اتجاه الفيدرالي بتخفيض الفائدة. ومع احتساب التراجع الذي شهده أبريل بسبب التعريفات الجمركية ، فإن مكاسب S&P 500البالغة حوالي 10% منذ بداية العام والى قمة الاسبوع الماضي تضع الأداء العام في حدود المتوسط التاريخي السنوي للأسواق الأميركية، أي أن الارتفاع لا يزال عقلاني أكثر مما هو مفرط.

Image

الصورة الأوسع الآن تكشف أن الأسواق تتحرك على خيط دقيق بين الزخم والاحتراز. أرباح البنوك تؤكد الثقة ، لكن التقييمات المرتفعة تفرض سقف طبيعياً للتفاؤل. الدولار يتحرك أفقياً في نطاق ضيق والذهب يعزز موقعه على ردار كل المهتمين بالاسواق.

المرحلة المقبلة ستعتمد على قدرة الأسواق على الاستمرار والمحافظة على التوازن في ظل غياب البيانات وهو ما يزيد صعوبة التقييم الحقيقي لقوة الاقتصاد. ورغم ذلك ، تبقى الأسواق مدفوعة بالإيمان بأن التيسير النقدي ، وأن البيئة الحالية ، رغم هشاشتها ، لا تزال مواتية للمخاطرة المنضبطة.