خطوة جريئة تعيد صياغة مفهوم الهجرة: كيف يحوّل ترامب الهجرة إلى رافعة اقتصادية ذهبية؟

خطوة جريئة تعيد صياغة مفهوم الهجرة:  كيف يحوّل ترامب الهجرة إلى رافعة اقتصادية ذهبية؟

أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراراً تنفيذياً يطلق برنامج «البطاقة الذهبية» (Gold Card)، الذي يتيح مساراً سريعاً نحو الإقامة الدائمة ضمن فئتي EB-1 وEB-2 مقابل مساهمة مالية تبدأ من مليون دولار. القرار أثار جدلاً واسعاً، لكنه يُقرأ من منظور مؤيد كخطوة استراتيجية تهدف إلى إعادة هيكلة الهجرة القانونية وربطها مباشرة بالمصلحة الاقتصادية الأميركية.

لطالما عانت برامج الهجرة، بما فيها برنامج المستثمرين EB-5، من تعقيدات بيروقراطية ومشاريع استثمارية طويلة الأمد تتطلب سنوات من المتابعة والإثبات. في المقابل، يقدّم برنامج البطاقة الذهبية نموذجاً أبسط: مساهمة مالية مباشرة تُضخ في وزارة التجارة مقابل تسريع إجراءات الإقامة. هذه الصيغة تتجاوز شبكات المشاريع والالتزامات المعقدة، وتمنح الدولة عائداً فورياً أكثر شفافية وسرعة، مع استقطاب مستثمرين جادين قادرين على التأثير الاقتصادي المباشر.

يستهدف البرنامج فئة محددة من المهاجرين: أصحاب الملاءة المالية العالية، والمهارات، والقدرة على الإضافة السريعة للاقتصاد الأميركي. وبينما يرى منتقدوه أنه “بيع للإقامة”، يعتبره المؤيدون جزءاً من سباق عالمي على رؤوس الأموال والمواهب، تشارك فيه دول عديدة مثل كندا وبريطانيا والبرتغال عبر برامج هجرة استثمارية مشابهة. وتوجيه المساهمات مباشرة إلى وزارة التجارة يضمن استخدامها في دعم الصناعات والابتكار، خصوصاً في مرحلة تحتاج فيها واشنطن إلى تعزيز النمو، كما يسهّل على الشركات الأميركية الاحتفاظ بالكفاءات الدولية بدلاً من خسارتها لصالح دول أكثر مرونة.

يقوم البرنامج على معادلة واضحة: تسريع الهجرة القانونية مقابل ضخ سيولة فورية في الاقتصاد، ما يعالج إحدى أعمق مشكلات النظام الحالي وهي البطء والازدحام. الفكرة هنا ليست تسليع الإقامة، بل تحويلها إلى أداة اقتصادية مدروسة، مع فارق جوهري عن EB-5، إذ لا تُربط الأموال بمشاريع قد تفشل ولا بشروط خلق وظائف محددة، بل تدخل مباشرة كإيراد يمنح الدولة هامشاً مالياً أسرع في ظل ضغوط الديون والتكاليف العامة.

الأرقام تشرح المنطق بوضوح: مليون دولار للبطاقة الذهبية، خمسة ملايين للنسخة البلاتينية مع ميزة الإعفاء من ضرائب الدخل غير الأميركي لمدة 270 يوماً، ومليونا دولار لبطاقة الشركات لتسريع استقدام كفاءات عالية دون سنوات انتظار. العائد هنا لا يقتصر على المبلغ المدفوع، بل يمتد إلى استثمارات، شركات ناشئة، توسّع أعمال، إنفاق، ورسوم قانونية ومالية وعقارية، جميعها تنعكس حركة إضافية في الاقتصاد الأميركي.

سياسياً، ينسجم البرنامج مع خطاب «أميركا أولاً» من خلال تشديده على الهجرة غير القانونية، مقابل فتح مسار انتقائي لمن يقدّم قيمة فورية قابلة للقياس. وهو أيضاً رسالة تنافسية واضحة: الولايات المتحدة تدخل سباق جذب المستثمرين بشكل صريح، مستندة إلى ميزتها الأهم—حجم السوق وعمق رأس المال وفرص التوسع العالمي. ويبقى التحدي في الإطار القانوني والتنفيذي، خصوصاً ما يتعلق بصلاحيات السلطة التنفيذية وآليات منع التحايل وغسيل الأموال. وإذا أُحكمت هذه الجوانب، يصبح البرنامج، من منظور مؤيد، أداة عملية لتعزيز الإيرادات وتسريع الهجرة المفيدة وتقوية تنافسية الاقتصاد بأقل كلفة سياسية على دافع الضرائب.