سكرية ل "مجلة 24 " لماذا هذا الفلتان في سوق الدواء، ومن يحمي المافيا او كارتيل الدواء في لبنان ؟

سكرية ل "مجلة 24 " لماذا هذا الفلتان في سوق الدواء، ومن يحمي المافيا او كارتيل الدواء في لبنان ؟

يشكّل الدواء القضية الأكثر إثارة على المستوى الصحّي بعد فضائح طالت جودة الأدوية المروّجة في الأسواق اللبنانية، بغياب سياسة دوائية وطنية في لبنان. يخضع الدواء في لبنان للتفكير التجاري والربح المادي والتواطؤ ما بين التاجر والإدارة وبحماية من الفساد السياسي. ومنذ تشكيل أول حكومة إلى اليوم يتمّ إستثمار موضوع الدواء سياسياً، فكل الحكومات خصعت بياناتها الوزارية لوعود متعلقة بتأمين الدواء الجيد والرخيص وتنتهي القصة عند البيان الوزاري. أما شركات الإحتكار القوية فقد اخترقت الوسط السياسي ووصلت لدرجة تمويل الحملات الإنتخابية.

وعلى الرغم من غياب السياسة الدوائية وهيمنة الشركات الإحتكارية على سوق الدواء، إضافة الى فشل كل المحاولات الإصلاحية في هذا القطاع نتيجة التواطؤ بين أركان السلطة وشركات الإحتكار، لا يظهر حجم التلاعب بصحة اللبنانيين وألامهم فقط بقدر ما يظهر غياب رؤية صحية متكاملة.

وها هو المواطن اللبناني يدفع ثمن استمرار الاحتكار والفساد في هذا القطاع، حيث وصلت أزمة الدواء التي ظلت تتأرجح صعوداً وهبوطاً في لبنان منذ مطلع العام 2020 ، الى مرحلة غير مسبوقة من التعقيد والندرة والغلاء وسط صراعات محتدمة واتهامات متبادلة بالفساد والجشع بين كافة الأطراف، خاصة المعنية بأمر استيراد وتسعير ودعم الادوية في البلاد.

لماذا هذا الفلتان في سوق الدواء، ومن يحمي المافيا او كارتيل الدواء في لبنان ؟

استضافت "مجلة 24 " رئيس حملة "الصحة حق وكرامة" الدكتور "اسماعيل سكرية" الذي احتضن ملف الصحة والدواء منذ العام 1996 داخل المجلس النيابي وخارجه واجرت معه هذا الحوار :

واقع الدواء

* كيف ترى واقع سوق الدواء في لبنان في ظلّ الفوضى العارمة التي نعيشها؟

في الحقيقة، الأمن الدوائي مفقود، إذ لا مختبرات ولا تسجيل حقيقي للأدوية، إضافة الى تزايد في أدوية التهريب في السوق السوداء والصيدليات اللاشرعية التي تتكاثر، كما أعتبر أن التجارة في الدواء لمجرّد

التجارة في صحة الناس ومال الناس بالنسبة للأسعار الخيالية للدواء في غياب الرقابة . هذا هو ملخّص الوضع الدوائي الكارثي في لبنان!

*من يتحمل مسؤولية استمرار هذا الفلتان في احتكار الدواء في لبنان؟

- السؤال قديم وجديد.. لنبدأ أولا بالحكومات المتعاقبة ومجالس النواب المتعاقبة التي كانت ولاتزال شاهد زور، ثم القوى السياسية والأحزاب، وبعدها ثقافة الشعب المفقودة، بما أنه لا يحاسب ولا يعاقب والتابع لعصبيته وعواطفه، الأمر الذي أوصلنا الى ما نحن عليه اليوم . شخصياً، ومنذ 26 عاماً، عملت على طرح أفكار عديدة وفعّالة ولم أصل الى نتيجة سوى الاستغراب والاستهجان لأنني اواجه كارتيل كبير، لا يواجهه سوى الصمت. أعتبر أن السياسات المافياوية المتراكمة التي يغلب عليها حسابات الربح المادي وتراكم مفاعيلها بغياب الرقابة وغياب مختبر مركزي، أوصلت البلد الى هذا الوضع، واستفحل هذا الوضع بعد الأزمة الإقتصادية حيث عم الفلتان .

*. الا يوجد قانون يعاقب الصيدلي في حال المخالفات كالاحتكار مثلا؟

- طبعا في حال الاحتكار  أو التخلّف عن إعطاء دواء لمريض متوفّر في الصيدلية لأيّ سبب كان أو أيّ مخالفة غيرها.. لكن من يطبّق القانون في لبنان؟

*الدواء السوري والإيراني والتركي متوفّر في السوق اللبناني.. فهل تخضع هذه الادوية للفحوصات المخبرية؟

 - بما أن هذه الأدوية مهرّبة فهي حتماً غير خاضعة لفحوصات مخبرية، وهي تباع في المستوصفات وفي المستشفيات وكذلك موجودة في حقائب المسافرين، فكيف لها أن تُخضع للفحوصات المخبرية!!؟ أصبح هذا الأمر أشبه بتجارة بين الناس خارج البلد وداخله. "القصة فلتانة" ولا من مراقب للأسف!

*.هل تعتبر توجّه اللبنانيبن الى الجمعيات الخيرية والرعاية الصحّية سيحلّ محل الصيدليات؟

 - بالمبدأ، هذه المراكز تعجز عن تغطية الكمّ المطلوب من الدواء لللبنانيين وفي الوقت نفسه لديها نقص في الدواء ، ناهيك ان هذه المراكز تابعة للدولة الفاشلة .

*.برأيك ما هي الحلول لمشكلة احتكار الدواء وغيرها من المشاكل التي تواجهه؟

  -على المدى المنظور، لا حلّ.. نحتاج لقرار وطني كبير يقول: صحة الشعب فوق أيّ إعتبار، وهذا القرار لم يكن يوماً نافذاً لدى الدولة، وأيّ دولة لدينا اليوم؟  وفي حال هناك حلّ فيحتاج الى وقت كبير وقرارات أكبروتوعية الناس ، وخصوصاً الجيل الجديد الذي عليه ان يتحرك ويحاسب ، نحن بحاجة الى دولة قادرة تعمل وتسعى لحلّ الأزمة.

 

* أساسيات لتسوية حال سوق الدواء في لبنان؟

أولا  : تشغيل المختبرالمركزي .

ثانياً . تأسيس لائحة لأساس الدواء.

ثالثاً : تفعيل المكتب الوطني للدواء ، أو تشجيع الدواء الوطني وتضعه تحت المراقبة.

 رابعاً سياسة تسعيرية عادلة.

خامساً :  الجينيريك

أعتبر أن حلولا كثيرة ومعروفة موجودة وفعالة، لكن من سيطبقها؟

*. لدينا في لبنان مصانع للأدوية مدعومة يقال أنها تغطي جزء من طلب السوق وتصدّر أيضاً الى الخارج؟

 - هذه المصانع منها ما يُصنّع الدواء ومنها ما يأتي بالحبوب "الفلت" وكمان Packaging ، ما ينفي فعل التصنيع. ثانياً في حال التصنيع يحتاج انتاج هذه المصانع من الدواء الى فحوصات مخبرية، كما أعتبر أن هذه المصانع قد شوّهت  صفتها الوطنية عندما حرمت اللبناني من الدواء إثر بدء الأزمة الإقتصادية، لتصدّر انتاجها الى الخارج.