الحكومة المنتهية الدور تكشف المستور لدى الطبقة السياسية المنتهية الصلاحية

img

عودٌ على بدء ، فعادت حليمة لعادتها القديمة وأعادت حكومة تصريف الأعمال الثلتاء الماضي  طرح مشروع القانون المتعلق "بمعالجة أوضاع المصارف في لبنان" في جلسة مجلس الوزراء علماً بأن تاريخ جلسة مجلس الوزراء المبتور كانت قبل يومين من التاريخ الذي دعي فيه المجلس النيابي لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية. وللمرة الثانية وربما أكثر واجه المشروع إعتراضات في الشارع ومن بعض الوزراء أدّت إلى ترحيله مجدّداً، نظراً لحساسيته وخطورة مضمونه مع ضرورة إشباعه درساً لأنه يتعلق بودائع اللبنانيين والمصارف. هذا وبعد إمتعاض رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب الميقاتي كلف نائبه سعادة الشامي بإعادة النظر في المشروعين (تنظيم عمل المصارف وقانون النقد والتسليف)، والعودة بصيغة جديدة إلى مجلس الوزراء خلال أسبوعين في تصرف أقل ما يقال فيه أن الميقاتي ومستشاريه ومعهم بعض المصرفيين مصرون على إحالته الى المجلس النيابي قبل تشكيل حكومة جديدة تطيح بأحلامهم وآمالهم بقضم ودائع الناس المظلومة ،وإعفاء السلطات السياسية المتعاقبة من أية مسؤولية عن الهدر والفساد الذي تسبب بالخسائر التي فاقت التسعين مليار دولار وفق آخر رقم أعلن عنه .

مشروع القانون الذي طرحت مسودته بواسطة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي في شباط 2024، تمّ التنصّل منه من قبل كل الأفرقاء في الحكومة، وكل الجهات التي وفّرت المعلومات مثل مصرف لبنان، وبعض نواب المجلس النيابي وجمعية المصارف وقد جمع كما هو معلوم في مشروع واحد ، ثلاثة مشاريع قوانين يفترض أن تكون منفصلة وهي: قانون الـ "كابيتال كونترول"، قانون "الانتظام المالي" وقانون "إعادة هيكلة المصارف" في عجيبة غريبة عن مفاهيم الإصلاح والإدارة الحديثة .

بدا وزيرا الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام ووزير المهجرين عصام شرف الدين من أوائل الذين اعترضوا على هذا المشروع. وخلال الجلسة ولدى طرح مشروع القانون على طاولة النقاش، حصلت مشادة كلامية بين الوزير شرف الدين ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي حول النقطة التي تتعلّق بالمودعين ، فانسحب شرف الدين من الجلسة بعد تقديمه اعتراضاً مكتوباً إلى مجلس الوزراء، معتبراً أن المشروع مخالف للدستور وستكون له دراسة تفصيلية في هذا الموضوع .

من جهته، جدّد سلام بدوره اعتراضه في جلسة مجلس الوزراء نظراً إلى الضرر الكبير الذي سينجم عن هذا القانون اذا أقرّ، تجاه الاقتصاد. وكان قبل بدء الجلسة في تغريدة نشر الاعتراض الذي كان قدّمه في 21 شباط 2024 إلى مجلس الوزراء، ذاكراً فيه أن القانون لا يحفظ أموال المودعين .

النقاط السلبية من مشروع القانون المطروح كثيرة وأكثرها أهمية تتعلّق بأموال المودعين. لقد تحفّظت أطراف عدة ومنذ عام على ما يتضمنه القانون من طروحات تشرّع الـ"هيركات" بشكل كبير وغير عادل للمودعين، أي تحميل المودع وحيداً خسائر بنسبة 80 و 90% وهذا بالطبع أمر غير عادل وغير منطقي. علماً بأنه مراراً وتكراراً طرح موضوع توزيع الخسائر بالنسبية ووفق مسؤولية كل الأطراف بحيث يجب أن يتحمّلها بشكل عادل  أولاً الدولة، إلى مصرف لبنان الذي تسلّم الودائع وكان مسؤولاً ومؤتمناً عليها، ومن بعده المصارف التي تصرفت بالأموال، وقامت بخيارات غير مدروسة ومخالفة للقوانين  وأخيراً بالنسبة الأقل مسؤولية هو المودع بعد تصنيف الودائع وفرزها ما بين ودائع مؤهلة وودائع غير مؤهلة . حيث لا يتساوى المودعون في المسؤوليات سيما وأن كثر كانوا قد إعتمدوا في تكوين ودائعهم على الألعاب المصرفية بالشراكة مع بعض مدراء المصارف ورؤساء مجالس إداراتها .

نقطة سلبية ثانية هي غياب مسؤولية المصرف المركزي وتغييب دوره مستقبلاً بمخالفة واضحة لقانون النقد والتسليف .

أيضاً من السلبيات غياب مسؤولية أجهزة الرقابة التي حدد دورها بمشروع القانون المطروح بشاهد ما شفش حاجة .

ثم إحدى سلبيات القانون المطروح إقتراح إعادة ما يتبقى من الودائع بالليرة اللبنانية في تأكيد على التنصيب الذي يتضمنه مشروع القانون .

وكأن الرئيس ميقاتي يريد إختتام إنجازات حكومته العجيبة بفضيحة تكشف كل ستر بقي مستور على جسد الطبقة السياسية الفاسدة والمنتهية الصلاحية .