غبريل : المطلوب فك احتكار الدولة للقطاعات الحيوية ذات الطابع التجاري

 غبريل : المطلوب فك احتكار الدولة للقطاعات الحيوية ذات الطابع التجاري

خاص – مجلة 24

لا تزال الخصخصة من المحرمات في الخطاب السياسي اللبناني، وذلك نتيجةً لعوامل سياسية واقتصادية واجتماعية متعددة. وقد ساهمت عواملٌ عديدة، منها النظام الطائفي والزبائني المتجذر، والخوف من السيطرة الأجنبية، والإخفاقات التاريخية للخصخصة، والأزمة الاقتصادية الحالية، في جعل الخصخصة موضوعًا مثيرًا للجدل وغير مرغوب فيه.

وموضوع الخصخصة اطل مجدداً حين اعلن وزير الاشغال العامة والنقل فايز رسامني انه ارسل الى الامانة العامة لمجلس الوزراء مشروع تاهيل وتطوير المرافق العامة بالشراكة مع القطاع الخاص لعرضه على هيئة التشريع والاستشارات، وأنه لم يصدر حتى الآن أي موقف رسمي عن الهيئة المذكورة، كما لم يُقرّ أي مشروع قانون نهائي أو رسمي بعد، إذ إن ما يُتداول يستند إلى مسودات غير رسمية وغير نهائية. ويأتي ذلك في إطار استطلاع الآراء القانونية من الجهات المختصة، تمهيدًا لعرض الملف أصولًا على مجلس الوزراء، ومن ثم إحالته إلى مجلس النواب لدرسه وإجراء المقتضى بشأنه وفق الآليات القانونية المعتمدة. علماً بأن هدف وزارة الأشغال العامة والنقل يبقى تحقيق الأهداف المنشودة عبر الحل الأسرع والأمثل ، مع ذلك استمر السجال حول الموضوع حيث اتهم البعض ان الدولة تريد بيع او التنازل عن اصولها للشركات العالمية باسعار بخسة .

فهل صحيح ان وزير الاشغال يريد التخلي عن المطارات والمرافئ للقطاع الخاص بحجة ان الدولة لاتملك الامكانيات المالية .

هذا السؤال طرحته "مجلة 24 " على كبير الاقتصاديين في مجموعة بيبلوس المصرفية الدكتور نسيب غبريل الذي بادر بالقول لا أعتقد أن وزير الأشغال قد قدم اي مشروع لخصخصة بعض القطاعات ، بل هو تحدث عن ضرورة إدخال القطاع الخاص في مشاريع لها علاقة بالمطار والمرافىء ، لكن لا أعتقد أنه اقترح خصخصة بعض القطاعات ، هذا من جهة ومن جهة أخرى صحيح موضوع الخصخصة أدى إلى جدل في لبنان مع أن الخصخصة الشفافة التي تؤدي إلى منافسة أفادت البلدان التي أقدمت على هذه الخطوة ، لكن هذا لايعني أن القطاع الخاص قد نجح في كل القطاعات ، ولكن بالإجمال اثبتت التجارب في كل بلدان العالم أن القطاع العام لم ينجح في إدارة المرافئ العامة مثل نجاح القطاع الخاص لأن القطاع الخاص عنده مصلحة بتحسين الأداء في المرفئ وزيادة الايرادات والرباح  حتى يغطي المصاريف ويستفيد من إدارته لهذا المرافئ .

ويضيف غبريل "في لبنان هناك لغط حول مشروع الخصخصة اذا يعتبر البعض أن الخصخصة هي لإفادة السياسيين  والشركات وأصحاب راس المال لشراء المرافق بأسعار زهيدة ، وهذه ليست خصخصة لأن الخصخصة يجب أن تخضع للقوانين والمراقبة نحن في لبنان بحاجة اولا إلى فك احتكار الدولة للقطاعات الحيوية التي تملكها مثل الاتصالات النقل الطرقات المياه المطارات والمرافىء لان احتكار هذه القطاعات أدى إلى كوارث مثل التي نعيشها اليوم ، المثال الذي يختصر سوء استخدام السلطة السياسية وسوء إدارة القطاع العام والمؤسسات العامة ذات الطابع التجاري ومنها مؤسسة كهرباء لبنان وإدارة قطاع الطاقة وقد استنزف هذا القطاع ٢٥  مليار دولار  من الخزينة اللبنانية وهذا المبلغ لم يرد إلى الخزينة إضافة إلى تراكم الفوائد بحوالي ٢٠ مليار دولار خلال الثلاثين سنة التي مرت مما أدى إلى هدر ٤٥ مليار دولار على الكهرباء ومع ذلك الكهرباء غير متوفرة سوى لبضعة ساعات وال ٤٥ مليار دولار تشكل نصف الدين العام عند اندلاع الأزمة  هذا كله ناجم عن سوء إدارة القطاع العام وسوء استخدام السلطة السياسية  مما أدى إلى خسائر متراكمة على هذا القطاع وعجز مستمر للموازنة العامة وايضا قطاع الاتصالات الذي كان يدخل  مليار و٢٠٠ مليون دولار صافي إلى الخزينة اللبنانية قبل الأزمة وعندما اممت الدولة هذا القطاع  وأصبحت تديره بشكل مباشر وبالتحديد شركتي الخلوي اليوم إيرادات الخزينة بحدود ١٠ أو ١٥ بالمئة عما كانت عليه من قبل الأزمة وشاهدنا إدارة مرفأ بيروت اين وصلت ناهيك عن نوعية الطرقات وهي ثالث اسوء نوعية في العالم العربي اي قبل اليمن وموريتانيا فقط وايضا أن المنافسة معدومة في قطاع الاتصالات الأرضية والخليوية لان المنافسة معدومة في القطاع  والاسعار تفرضها الدولة ولا نعرف كيف يتم احتسابها.

وتابع غبريل : انا اعتقد أن الخطوة الأولى نحو الخصخصة مش الخصخصة الحالية إذ في عام ٢٠٠٦ هناك مصرف استثمار عالمي قدر قيمة شركتي الخليوي في لبنان بنحو ست مليارات دولار اكيد اليوم القيمة أقل  بسبب سوء الإدارة واحتكارها من قبل القطاع العام وفائض الموظفين في الشركتين لذلك الخطوة الأولى ليس بيع هذه الاصول أو خصخصتها بل وقف احتكار الدولة لهذا القطاع وإدخال شركات عالمية مختصة تستلم الإدارة والاستثمار على فترة مابين ٢٠و٣٠ سنة وفي المقابل الدولة تشكل هيئات ناظمة تشرف على أداء القطاع ، المؤسسات العامة ذات الطابع التجاري مثل الكهرباء والاتصالات والمرافىء والمطارات أو مؤسسة اوجيرو كل هذه المؤسسات ستصبح مؤسسات رابحة وليس خاسرة كما هو الحال اليوم ولن تكون بحاجة للاعتماد على خزينة الدولة لتمويلها وثانيا ستؤمن ايرادات للدولة ويزول العجز في الموازنة وتدخل أموال إلى الخزينة والأهم بالموضوع قبل الخزينة ستتحسن نوعية الخدمات التي تقدمها هذه المؤسسات ، إذ عندما يكون هناك أكثر من طرف في قطاع الكهرباء ستشتعل المنافسة بين المنتجين أن على صعيد السعر والنوعية ، والأمر نفسه في قطاع الاتصالات ، اليوم هناك احتكار في مؤسسات كهرباء لبنان وأصحاب المولدات حيث لايستطيع المواطن أن ينتقل من صاحب مولد إلى آخر وفي شركات الخليوي اذا غير مواطن اشتراكه من شركة إلى شركة لن يتغير شيء لا السعر ولا الخدمة .

اضاف : لذلك يجب أن تتغير الذهنية في لبنان ويكون هناك اقتناع أن الدولة لن تحسن خدمتها ، وهي تستخدم هذه المؤسسات لمصالحها الشخصية والتوظيف العشوائي والاستفادة والحسابات الانتخابية وشاهدنا بين العامين ٢٠١٤ و ٢٠١٨ أدخلت الأحزاب حسب تقرير ديوان المحاسبة أكثر من ٣١ الف شخص إلى المؤسسات العامة ذات الطابع التجاري رغم أن لا وظيفة لهم في هذه المؤسسات بصورة عامة هذا يوصلني إلى السؤال التالي اي اقتصاد نريد هل نحن نريد اقتصاد لبنان يطغى عليه القطاع العام مع سوء إدارته والأعباء التي  بشكلها على الاقتصاد والقطاع الخاص والشركات والأسر ام نريد اقتصاد حر ليبرالي من دون خجل أو تردد عموده الفقري القطاع الخاص والمبادرة الفردية يكمله قطاع عام مسؤوليته تحسين المناخ الاستثماري وبيئة الأعمال والتنافسية وإعادة تأهيل البنى التحتية ومكافحة التهرب الضريبي والحمركية وضبط الحدود وبسط سلط الدولة على كافة أراضيها وحصرية السلاح وترميم العلاقات مع كل الدول العربية والخليجية وتطبيق استقلالية القضاء وفصل السلطات واحترام المهل الدستورية وتطبيق القوانين وتحسين الجباية هذا هو دور القطاع العام وليس التدخل في ادارة قطاعات حيوية نحنا وصلنا الى هذا الوضع بسبب هذه الأمور عدا عن خسائر بمليارات الدولارات بسب الصراع عقائدي في لبنان هل نريد اقتصاد حر  يخضع لحكم القانون أونبقى نقول إن الدولة يجب أن تدير كل شيء بقطاع عام مترهل يضم ٣٥٠ الف عامل وموظف في حين أنه بالنسبة لعدد سكان لبنان بكفي أن يكون ثلث هذا العدد وتسليم الادارة والاستثمار إلى شركات عالمية متخصصة بشفافية تامة ويؤسس هيئات ناظمة للإشراف على هذه القطاعات لمنع أي تجاوز وتحسين الخدمات وتخفيف الكلفة اليوم تملك الدولة وتدخلها في قطاعات حيوية هو الذي اوصلنا الى ما نحن عليه اليوم صحيح عندنا قانون الشراكة بين القطاعين إلا أن هذا القانون لم يطبق بعد.وعندنا مجلس أعلى للخصخصة لكن هذا المجلس مغيب ولا يعمل 

وهو بالاساس لم يعمل .

وختم : نحن الان امام فرصة تاريخية وعابرة للاجيال بحيث يصبح وجهة استثمارية اساسية في المنطقة ولديه كل الامكانيات خصوصا اذا دخلت المنافسة على القطاعات التي تملكها الدولة من قبل شركات استثمار عالمية .

لان سوء ادارة المؤسسات العامة ذات الطابع التجاري جعلت المواطن يدفع فاتورتان للكهرباء وفاتورة ثالثة للطاقة الشمسية وفاتورة مرتفعة  للمياه وللهاتف الخليوي وفاتورة شهرية للسيارة بسبب الطرقات السيئة هذه الامور تكفي لادخال القطاع الخاص وقدراته الى المؤسسات العامة ذات الطابع التجاري .