في الأسباب الموجبة لاعتماد نسبة الـ 20%

في الأسباب الموجبة لاعتماد نسبة الـ 20%

يُفترض بإقتراح النائب بستاني أن يقدّم شرحاً واضحاً للمعايير العلمية أو المالية التي استند إليها في تحديد نسبة الـ 20%. غياب هذا التوضيح يطرح علامات استفهام كبيرة حول مدى انسجام هذه النسبة مع مبادئ العدالة والمساواة بين المودعين. إذ يبدو أن الرقم لم يُبنَ على دراسات أو مقاربات مالية موضوعية، بل على تقدير إداري – سياسي يراعي أولاً وأخيراً قدرة المالية العامة على الاستيعاب، وليس حقوق المودعين في استرداد قيمة عادلة لمدخراتهم.

ويُلاحظ أن الاهتمام بالودائع بالعملة الوطنية لم يكن في صلب خطط المعالجة منذ اندلاع الأزمة، بل ورد في الهامش ضمن مناقشات مشروع قانون الفجوة المالية الذي عُنون أساساً للتعامل مع الفجوة بالعملات الأجنبية (الدولار). ففي الوقت الذي انصبّت فيه المقترحات على إعادة هيكلة الودائع بالدولار وتوزيع الخسائر، جرى التعامل مع الودائع بالليرة كـ ملحق ثانوي يمكن إدخاله في العملية عبر ابتكار آليات مثل اعتماد نسبة 20% أو غيرها.

ومن المفارقات أن إحدى الأدوات التي طرحتها السلطة في هذا السياق هي "ليلرة الودائع" (أي تحويل الودائع من الدولار إلى الليرة وتسديدها بالعملة الوطنية). وإذا كان هذا التوجه قد ساهم في تعميق أزمة الثقة بين المودعين والدولة، فإن اقتراح البستاني اليوم يعيد إنتاج الفكرة نفسها، ولكن بوجه مختلف: فبدل تحويل الدولار إلى ليرة، يجري التعامل مع الليرة ذاتها وكأنها عملة من الدرجة الثانية، تُسعَّر عند 20% من قيمتها السوقية، ليُعاد استخدامها حصراً في خدمة المالية العامة.

بهذا المعنى، تصبح نسبة 20% اقتطاعاً غير معلن من حقوق المودعين، إذ تُحجب القيمة الحقيقية للودائع وتُستبدل بآلية محاسبية مسعفة للموازنة، في مسار يكرّس أولوية إنقاذ الدولة على حساب المودع.