القلق المعاصر: لماذا نحتاج العلاج النفسي اليوم أكثر من أي وقت؟

 القلق المعاصر: لماذا نحتاج العلاج  النفسي اليوم أكثر من أي وقت؟

في عالم يتسارع فيه كل شيء، من الأخبار إلى التكنولوجيا، 

يبدو أن القلق بات ضيفًا دائمًا في يومياتنا.

لم يعد القلق مقتصرًا على المواقف الكبرى، بل أصبح يظهر في تفاصيل الحياة اليومية: رسائل غير مُجابة، مقارنات عبر مواقع التواصل، ضغوط العمل، ومخاوف المستقبل.

ورغم أن القلق استجابة طبيعية للمواقف الضاغطة، إلا أن القلق المزمن والمعمم أصبح أكثر شيوعًا، لدرجة أنه بات يُعرف بـ"اضطراب العصر".

لماذا ارتفعت معدلات القلق في العصر الحديث؟

 

1. الضغط المستمر دون راحة حقيقية

   الهواتف الذكية تبقينا "متصلين دائمًا"، مما يمنع الدماغ من الدخول في حالات استرخاء حقيقية.

2. مقارنة الذات بالآخرين

   منصات التواصل تصنع وهم "الحياة المثالية"، مما يُضعف التقدير الذاتي ويغذّي الشعور بعدم الكفاية.

3. فقدان الدعم الاجتماعي الواقعي. 

   رغم زيادة التواصل الرقمي، يعاني الكثير من الوحدة والعزلة الاجتماعية، وهما بيئتان خصبتان لنمو القلق.

4. الخوف من الفشل والضغوط الأكاديمية والمهنية

   ثقافة الإنجاز السريع والمثالية الزائدة تؤدي إلى قلق دائم من عدم الوصول للمستوى المطلوب.

لكن، ماذا لو اجتمع قلق العصر مع واقع متقلب وضاغط كما هو الحال في لبنان؟

منذ بداية جائحة كورونا، لم يعرف اللبنانيون الاستقرار: من الحجر الصحي، إلى انفجار مرفأ بيروت، إلى الانهيار المالي الحاد، وفقدان الأمان الصحي والاجتماعي، إضافة الى الحرب الأخيرة…

هذه الظروف خلقت بيئة خصبة لتفشي اضطرابات القلق ونوبات الهلع، التي باتت تُشكل نسبة مرتفعة في مراجعات العيادات النفسية.

إذا كان العالم كله يعاني من (قلق العصر)، فإن اللبنانيين يعيشونه بشكل مضاعف، حيث لم يعد القلق مجرد استجابة نفسية، بل تحول إلى نمط يومي يهدد التوازن النفسي للكثيرين...

في العيادات النفسية: حالات القلق ونوبات الهلع في الواجهة

خلال السنوات الأخيرة، لوحظ ازدياد لافت في عدد حالات القلق ونوبات الهلع في العيادات النفسية في لبنان. كثير من المرضى لا يعرفون أن ما يعانونه هو نوبة هلع:  

- تسارع دقات القلب  

- ضيق تنفس  

- شعور بالموت القريب  

- دوخة وتشنّج  

كلها أعراض جسدية تدفع البعض إلى الطوارئ، قبل أن يُحالوا إلى أخصائي نفسي.

لماذا نحتاج العلاج النفسي الآن؟

لأن القلق لم يعد حالة طارئة، بل أصبح واقعًا يوميًا.  

ولأن الصمت أو التجاهل لم يعودا حلّين، بل خطرين.

العلاج النفسي يوفر:

- أدوات تنظيم الأفكار  

- استراتيجيات إدارة القلق  

- بيئة آمنة للتعبير دون حكم  

- إعادة بناء التوازن النفسي.