الشغور الرئاسي موضة لبنانية دارجة تصيب الاقتصاد وتجمد عملية الاصلاح

img

الشغور الرئاسي أمر شائع في لبنان، ويظهرعمق الأزمة التي يعانيها النظام السياسي.اللبناني ولا يبدو صادما لكثير من اللبنانيين أن قصر بعبدا أضحى منذ 31 تشرين الاول من العام 2022 خاليا من رئيس للجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون ، وفشل مجلس النواب في انتخاب خلف له بسبب الاصطففات السياسية الحادة اذ يصر فريق الممانعة على ايصال مرشحه الوزير السابق سليمان فرنجية وسط معارضة مسيحية تعارض اي مرشح مدعوم من الثنائي الشيعي بعد تجربة ميشال عون الذي سلم البلاد الى حزب الله الذراع العسكري لايران .

وعلى عكس العقود الثلاثة الماضية، التي استطاع فيها النظام السياسي التعايش مع حالة الفراغ أكثر من مرة إن كان على مستوى الرئاسة، كما حصل بين عامي 2014 و2016، أو على مستوى عدم وجود حكومات أصيلة لأشهر طويلة، فإن الفراغ الرئاسي الجديد يُنذر بمزيد من الفوضى السياسية والانهيار الاقتصادي والاجتماعي. يُعاني لبنان من انهيار اقتصادي غير مسبوق منذ ثلاث سنوات، وتُديره حاليا حكومة تصريف أعمال هشة بصلاحيات مقيدة، ووجود برلمان منقسم بشكل حاد ويفتقد لوجود غالبية صريحة وواضحة قادرة على انتخاب رئيس جديد للبلاد.

يُجمع مختلف السياسيين اللبنانيين اليوم على اختلاف توجهاتهم على مأزق النظام السياسي، لكن أيا منهم لا يملك تصورا واضحا لنظام بديل يمكن أن يحظى بإجماع وطني ويخرج لبنان من أزمته السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية . لقد أدى الانهيار الاقتصادي إلى تقليص حاد للطبقة الوسطى، ودفع غالبية اللبنانيين إلى الفقر وتصاعد النقمة على القادة السياسيين، في حين تسبب صعود الهيمنة السياسية والعسكرية لحزب الله في إخلال التوازن السياسي والطائفي، بينما ساهم تراجع الدور العربي والخليجي على وجه التحديد في تعميق النفوذ الإيراني على البلاد.

كل هذه التحولات مجتمعة إلى جانب الفساد المتأصل في الدولة نتيجة للمحاصصة الطائفية والمذهبية، أوصلت لبنان إلى مرحلة ضعفت فيها قدرة النظام السياسي على مواصلة إدارة الأزمات بالشكل الذي اعتاد عليه في السابق.

كيف ينظر النواب والوزراء الى هذا الواقع المرير الذي يمر به لبنان خصوصا في ظل التطورات السياسية والعسكرية في المنطقة .

وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال امين سلام قال " لقد أتممنا عاماً كاملاً من الفراغ الرئاسي، وهو خرق فاضح لمندرجات الدستور، ويكبد لبنان يوماً بعد يوم خسائر اقتصادية هائلة قد يصعب حصرها أو إحصاؤها. ويكفي الإشارة إلى أن هذا الفراغ أدى إلى تأخير الإصلاحات لمدة عام كامل، أي أنه أخّر العديد من القوانين، أبرزها:

اولاً :"هيكلة المصارف" لإعادة إحياء القطاع المصرفي وعودة التسليفات للأفراد والمؤسسات. 2

.ثانياً : "الكابيتال كونترول" كضرورة لفرض المساواة بين جميع المودعين.

ثالثاً: .تحرير سعر الصرف الذي سيساهم مع بقية الإصلاحات في خفض قيمة الدولار أمام الليرة إلى أقلّ من سعره الحالي.

رابعاً : تأخير الاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي سيكون الرافعة لكل ما سبق ذكره. في كل يوم نتأخر فيه بانتخاب رئيس للجمهورية تتأخر الإصلاحات، ويتراجع الاقتصاد أكثر وأكثر، ويصبح النهوض أصعب وتمسي الحفرة أعمق. فلنبدأ من مكان ما، فلنكسر تلك المراوحة القاتلة للإصلاح.

بدوره نائب بيروت النقيب ملحم خلف اعتبر ان الاجابة على هذا السؤال بحاجة الى دراسات واحصائيات ليست متوفرة لحينه ،لان الاضرار جسيمة منها المباشرة الملموسة ومنها غير المباشرة ،ما اصيب به القطاع العام من شلل اوقف در المال على الدولة وهذا ما ادخل الادارة ( القطاع العام ) في دوامة .

التضخم بقيمة العملة ادى الى تدني الرواتب وتدني قيمة الرواتب ادى الى عدم تأمين دواماتهم من اجل تأمين الخدمة العامة ، فعدم حضور الموظفين الى عملهم شل الادارة وشل مصالح المواطن ،وبالتالي لا  الخدمة العامة مؤمنة للمواطن بسبب عدم حضور الموظف الى عمله ولا الراتب العادل مؤمن للموظف لتأمين حضوره الى عمله بسبب تدني قيمة العملة ولا امكانية لرفع راتب الموظف بسبب شح اموال الدولة بسبب التضخم الحاصل ، لذلك دخلنا في الدوامة ، ومن نتائج هذا الامر ، عدم توفير التدريس في المدارس بصورة منتظمة ، وهذا اثر مباشرة على 320 اف تلميذ يتعلمون في المدارس الرسمية

والاثر غير المباشر على مستوى التعليم في لبنان على المدى المتوسط والمدى البعيد وهذا ما اصبنا به اليوم وهو من اهم الاخطار .

اما نائب البقاع الدكتور بلال حشيمي فاشار الى انه تبيّن بوضوح مدى تأثير شغور موقع رئاسة الجمهورية  في هذا البلد، خصوصاً بالنسبة للأحداث الأخيرة. نعم، لقد مرّت أحداث منها إقتصادية ومالية وغيرهما، لكن الأحداث الأخيرة كشفت أكثر فأكثر أن لبنان ليس لديه رأس للسلطة، أي رئيس جمهورية، على الرغم من محاولات رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لكن تبقى قراراته محدودة.

أعتبر هنا أن غياب مقام رئيس الجمهورية بحدّ ذاته هو تغييب كلّي للدولة. هذا ما نطالب به اليوم، خصوصاً بعد الإعتداءات الإسرائيلية التي تحصل كل يوم من أكثر من شهر على الجنوب اللبناني من دون أيّ رادع. حتى أن قرار الجيش اللبناني ليس بيده بل بيد وزير خارجية إيران عبد اللهيان، الذي قال أن ساعة الصفر بيد المقاومة، وهي التي تحدّد ما يحصل في لبنان وخصوصاً في جنوب لبنان. إذاً، نحن بحاجة اليوم أكثر لرئيس جمهورية لسدّ الفراغ للمراحل المقبلة. لاحظنا أنه حصل اجتماع للقمة العربية حضرها رؤساء جمهورية عرب، أما لبنان فشارك برئيس حكومة تصريف أعمال.. فلو شارك فيها رئيس جمهورية فعلي، لكان لها ذاك الوزن لرئيس جمهورية منتخب. هذه هي الإشكالية التي يعاني منها لبنان!

على الصعيد الإقتصادي والمؤسساتي، أعتقد أن هناك فراغ تام في هذا الموضوع، لأن باقي القوى لا تساعد الحكومة بإعطاء الخطط التنموية على أصعدة كثيرة. من هذه القوى التيار الوطني الحرّ الذي يستغل هذا الفراغ ويساوم على أمور عدّة على حساب الوطن. أعتبر أن هناك غياب تام للمؤسسات والخطط، في الوقت الذي نحن بحاجة لها بشكل كبير، خصوصاً في الأوقات العصيبة التي يمرّ بها لبنان. لا أعتقد أن دولة مثل لبنان من دون رئيس وحكومة فاعلة، ومن دون مؤسسات وخطط، تستطيع الإستمرار.. نعم، الأمور تسير ولكن الى متى؟ الوضع الحالي كما هو، يؤثر علينا سلباً من ناحية القرارات السياسة وقرارات أخرى، وأعتبر أن أحداً غير قادر على اتخاذها، لأن الحكومة ناقصة.

في موضوع الإقتصاد، لا أعتقد أن الأمور ستسيرقدماً، خصوصاً في موضوع إعادة هيكلة المصارف و الكابيتال كونترول وغيرهما، إلا بعد حلّ قضية أموال المودعين، سرقة العصر. لقد سرقت المصارف الأموال واتهمت الحكومة بهذه السرقة، مع أن المصارف تُذلّ أصحاب القروض في حال تأخروا في الدفع للمصرف، حتى أنها تعمل على حجز ممتلكات المقترض لتُحصّل أموالها مع الفوائد!! المصارف سلبت أموال الناس، ولا أعتقد أن تعود الثقة بالدولة أو الثقة بالمصارف قبل إعادة أموال المودعين.

 مازلنا الى اليوم لم نسمع أحداً من المسؤولين على استعداد لتحمّل مسؤولية سلب أموال المودعين، فالكابيتال كنترول توقف، كما إعادة موضوع المصارف توقف، الى أن تُحلّ قضية اموال المودعين