في عالم ريادة الأعمال، تسعى الشركات الناشئة والصغيرة دائمًا إلى تحسين أدائها وزيادة أرباحها بينما تحاول الحفاظ على التكاليف تحت السيطرة. لكن، مع تكاثر التحديات وارتفاع التكاليف التشغيلية، يصبح من الضروري إيجاد حلول مبتكرة تساهم في تسريع النمو مع تقليل النفقات. واحدة من أكثر الاستراتيجيات فعالية في هذا السياق هي الاستعانة بمصادر خارجية.
وهنا نسأل لماذا تُعتبر الاستعانة بمصادر خارجية حلاً استراتيجياً للشركات الناشئة؟
لان الشركات الناشئة تتسم بعدد من السمات الفريدة مثل محدودية الموارد والقدرة على التكيف السريع مع التغيرات في السوق. مع هذه التحديات، يمكن أن تكون الاستعانة بمصادر خارجية الحل الأمثل في العديد من الحالات. ولكن قبل أن نتحدث عن الفوائد، دعونا نفهم أولاً ما تعنيه الاستعانة بمصادر خارجية.
الاستعانة بمصادر خارجية هي عملية الاستفادة من خدمات أو خبرات طرف ثالث لتنفيذ بعض المهام أو الأنشطة التجارية التي عادةً ما يتم إدارتها داخليًا. وتشمل هذه المهام المحاسبة، التسويق الرقمي، إدارة الموارد البشرية، وخدمات تكنولوجيا المعلومات. تتيح هذه الممارسة للشركات الوصول إلى خدمات متخصصة دون الحاجة لاستثمار الوقت والمال في توظيف فرق داخلية.
أما الفوائد الرئيسية للاستعانة بهذه المصادر الخارجية وخصوصا للشركات الناشئة
اولاً : يعد خفض التكاليف من أهم أولويات الشركات الناشئة، ولا سيما عندما يكون التمويل محدودًا. توظيف موظفين بدوام كامل وتوفير المزايا والمكاتب يتطلب استثمارًا كبيرًا. في المقابل، يمكن للشركات الاستفادة من الاستعانة بمصادر خارجية، حيث توفر هذه الطريقة 40%–60% من التكاليف المرتبطة بالتوظيف الداخلي.
ثانياً : تقليل النفقات العامة وتبسيط العمليات لماذا تدفع مقابل مساحات مكتبية إضافية أو أدوات مكلفة؟ في ظل التطور التكنولوجي، أصبحت الشركات التي تقدم خدمات الاستعانة بمصادر خارجية تعتمد على مواردها الخاصة، مما يعني أنك تدفع فقط مقابل الخدمات التي تحتاج إليها بشكل مباشر. وبذلك تتجنب التكاليف الثابتة المرتبطة بالبنية التحتية.
ثالثاً : توفير الوقت والموارد إدارة الموظفين، عمليات التدريب، والتوظيف تعد من أكبر الأعباء على الشركات الناشئة. من خلال الاستعانة بمصادر خارجية، يمكن تخطي هذه العمليات، مما يسمح للشركة بالتركيز على أهدافها الأساسية مثل تطوير المنتج، تحسين تجربة العملاء، وزيادة الإيرادات
رابعاً : الوصول إلى الخبرات المتخصصة دون تكاليف باهظة قد يكون تعيين موظف ذي خبرة عالية مكلفًا للغاية بالنسبة لشركة ناشئة. باستخدام الاستعانة بمصادر خارجية، يمكن للشركات الوصول إلى خدمات ذات مستوى عالٍ من الاحترافية والتخصص في مجالات مثل التسويق الرقمي، المحاسبة، أو تكنولوجيا المعلومات، مع توفير التكاليف المرتبطة بالتوظيف طويل الأجل.
خامسا: المرونة وسهولة التوسع أو التقليص تتميز الشركات الناشئة بضرورة التكيف السريع مع تغيرات السوق. من خلال الاستعانة بمصادر خارجية، يمكن للشركات تعديل حجم عملياتها بسهولة وبتكاليف منخفضة. إذا كانت هناك حاجة لتوسيع الفريق خلال فترة معينة، يمكن استقطاب الخبراء بسهولة ودون الحاجة لبناء فرق داخلية معقدة.
وهذا كله سيقوم بتحسين الأداء للشركات والمضي قدما لتطوير اعمالها وذلك عن طريق:
اولاً : تحسين العمليات المالية: لأن إدارة الأمور المالية للشركة هي من المهام الأكثر تعقيدًا. لكن من خلال الاستعانة بخبراء ماليين خارجيين، يمكن للشركة الوصول إلى إدارة مالية دقيقة وفعّالة دون الحاجة إلى تعيين محاسب داخلي. كما أن هذه الخطوة تساهم في ضمان الالتزام بالقوانين وتفادي الأخطاء المالية التي قد تكون مكلفة.
2. ثانياً : تعزيز جهود التسويق الرقمي: في عالم يتسم بالتحولات الرقمية السريعة، يعد التسويق الرقمي أداة أساسية للوصول إلى الجمهور المستهدف. ولكن بناء فريق تسويق داخلي يمكن أن يكون مكلفًا ويستغرق وقتًا طويلاً. الاستعانة بخدمات التسويق الرقمي الخارجي تساعد الشركات على تنفيذ استراتيجيات تسويقية مبتكرة بميزانية محدودة، مع ضمان تحقيق نتائج فعالة.
ثالثاً : تقليل المخاطر وزيادة الامتثال: تعتمد الشركات الناشئة على مرونة قوانين الامتثال ومواكبة اللوائح التنظيمية. من خلال الاستعانة بمصادر خارجية لتلبية هذه الاحتياجات، يمكن للشركات تقليل المخاطر المرتبطة بالامتثال وتقليل احتمالات الوقوع في غرامات مالية أو مشاكل قانونية.
كيف يمكن للأعمال الناشئة الاستفادة القصوى من الاستعانة بمصادر خارجية؟
أول خطوة هي تحديد المهام التي تشكل عبئًا على الوقت أو التي تستهلك موارد كبيرة ، ثم يمكن للشركات البحث عن شركاء خارجيين ذوي خبرة للتعامل مع هذه المهام. من المهم أن يتم اختيار الموردين بعناية لضمان أن الخدمة المقدمة تتماشى مع معايير الجودة المطلوبة. عند اختيار شركاء خارجيين، يجب التأكد من أن لديهم سجلاً حافلاً من النجاح في تقديم نفس النوع من الخدمات. كما يجب تحديد أطر زمنية واضحة ووضوح في التوقعات المتعلقة بالخدمات المقدمة.
خلاصة القول:
الاستعانة بمصادر خارجية ليست مجرد وسيلة لتوفير التكاليف، بل هي استثمار استراتيجي يساعد الشركات الناشئة على التوسع والنمو مع تقليل المخاطر وتعزيز الكفاءة. من خلال الاعتماد على هذه الاستراتيجية، يمكن للشركات الناشئة التفرغ لابتكار الحلول، وتحقيق أهدافها مع ضمان استدامتها المالية والنمو المستدام في السوق التنافسي.