العام 2024 كان صعباً فهل يكون العام 2025 الأسوأ بتاريخ لبنان؟

img

شهد لبنان خلال العام 2024 عامًا حافلًا بالأحداث الدراماتيكيّة والتصعيدات السّياسيّة والأمنيّة، وصولًا إلى لحظة توسع الحرب في أيلول وهي الأعنف والأكثر دمويّةً في تاريخه. حيث وقف اللبنانيون حينها أمام "الحدث الأمنيّ" الجلّل الذي سرعان ما إستحال حربًا، مفجوعين، وهم موقنون تمام اليقين أن كل الجهود الدبلوماسيّة والسّياسيّة وكل "التطمينات" التي تستبعد سيناريو الحرب الشاملة أو التصعيد قد تلاشت وباتوا أمام الحرب الشاملة التي شنها العدو الإسرائيلي على لبنان دون هوادة .

عام مرير وصعب عاشه اللبنانيون على مختلف الأصعدة الأمنية والسياسية والاقتصادية فمنذ بداية هذا العام ويحاول المواطنون التأقلم مع الأزمات وتحسين ظروف عملهم مع توقع البنك الدولي مطلع عام 2024 من أن يسجل الإقتصاد اللبناني نمواً قدره 0.5% إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل مع فشل السلطات في إقرار الإصلاحات الضرورية على كافة المستويات ومع اندلاع الحرب مع العدو الإسرائيلي في 23 من أيلول مما كبد لبنان خسائر فاقت 15 مليار دولار معرقلةً كل المساعي الإنقاذية .

إذ أن لبنان الذي لا يزال من دون رئيس للجمهورية وبحكومة تصريف أعمال ظلّ بعيداً عن إقرار خطط إصلاحية تُخرج البلاد من أزماته المتلاحقة ليسجل المرتبة الأولى بعدد الشباب العاطل عن العمل بنحو 47.8 % بحسب منظمة العمل الدولية. نسبة قد ترتفع مع الخسائر التي خلفتها الحرب بعد تضرر 70% من القطاع الزراعي بإضرار طويلة الأجل وخسارة نحو 3 مليار دولار في القطاع السياحي وملياري دولار في القطاع الصناعي ومع توقف حوالي 30% من المصانع وانخفاض النشاط في هذا القطاع بحدود 50% بحسب الهيئات الاقتصادية .

أيضاً لقد شهد العام 2024 أكبر موجة تدمير عمراني في لبنان بعد شهرين من الحرب الضروس التي شنت على لبنان والتي وصلت أرقام الدمار فيها الى حوالي 400 الف وحدة سكنية بشكل كامل وجزئي وفي وقت يحكى عن تدمير كامل لحوالي 30 بلدة وقرية بمحاذاة فلسطين المحتلة وفي جنوب نهر الليطاني .

بموازاة الدمار وخسائر القطاعات الإقتصادية تقلصت المداخيل بنسبة كبيرة ومن المتوقع إنخفاض الناتج المحلي بمعدل 30 % تقريباً مقارنةً مع العام 2023 .

لقد شهد لبنان ما بين شهري أيلول وتشرين الثاني أكبر موجة نزوح داخلي قدرت بحوالي مليون وثلاثماية ألف نازح إضطروا لترك منازلهم وقراهم في ظروف قاهرة ومفاجئة مما شكل مشكلةً كبيرة بالنسبة للحكومة اللبنانية التي كانت قد أعلنت عن خطة طوارئ لمواكبة حركة النزوح الذي سرعان ما تبين انها خالية من المضمون وتفتقر الى التمويل اللازم لتفعيلها.هذه المشاكل أضيفت االى مشاكل النزوح المتراكمة على لبنان بدءاً باللاجئين الفلسطينيين ومروراً بالنازحين السوريين الذي قارب عددهم مليوني نازح والمعروف أن النزوح أحد أسباب نزف الخزينة اللبنانية وأحد أسباب إهلاك وتدمير البنى التحتية والخدمات في لبنان.

موازنة 2024 لم تكن أبداً صفرية كما أقرت لا بل سجلت خسارة وعجز كبيرين من غير الممكن تحديدهم بالأرقام كون وزارة المالية لم تصدر أي بيان أو توضيح رقمي بينما ما زال المجلس النيابي غائباً عن الوعي ومتساهلاً مع عدم وجود قطوعات للحساب في حالةٍ متكررة منذ سنوات عدة مثلما درجت العادة.

أما مشروع موازنة 2025 فيبدو أنه بانتظار التعديل وفقاً لنتائج الحرب وحتى الساعة لم يتم إقرار القوانين الإصلاحية الأساسية كإعادة هيكلة المصارف التي قد تعيد الثقة للقطاع المصرفي في وقت أدرج لبنان على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل الدولية نتيجة تحول اقتصاده إلى نقدي بنسبة تفوق 90% وغياب الاصلاحات المطلوبة منه من قبل البنك الدولي. إلا أن الجانب الإيجابي إقتصر فقط على زيادة حجم احتياطي مصرف لبنان إلى 10.3 مليار دولار الذي سرعان ما تقلص بقيمة ثلاثماية مليون دولار علماً أن أحد أوجه الإيجابيات هو المحافظة على استقرار في سعر الصرف

مع توقف الاعمال العسكرية ومع بدء عودة النازحين الى مناطقهم وقراهم يترقب لبنان بحذر التمويل الدولي لمساعدته بإعادة الإعمار من جهة وللدفع بإتجاه النهوض الاقتصادي من جهة أخرى علماً أن عملية الترقب تحصل في ظل عودة التوتر الى الساحة اللبنانية بعدما بدأ الحديث عن عدم نضوج جلسة إنتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية المحددة في 09/01/2025 ومع عودة الحديث والتقديرات عن إمكانية أن تعود إسرائيل لشن حربها على لبنان في جولة ثانية قد تكون أعنف وأقسى من الجولة الاولى .

كل ذلك يحصل وما زال اللبنانيون يتأملون أن يحمل العام المقبل مرحلة جديدة من السلام والأمان والاستقرار وأن يرافقهم تغيير جذري في الواقع اللبناني يبشر بنهوض إقتصادي ومالي طال إنتظاره في وقت يتفرجون على أركان السلطة السياسية وزعماء الطوائف يحاولون بشتى الوسائل إعادة .

عقارب الساعة الى الوراء للبقاء ممسكين بزمام الامور حيث يعتبر بقاءهم بمثابة المصيبة الأكبر التي ستصيب لبنان وستجعل من العام 2025 الأسوأ بتاريخ لبنان على الإطلاق .