تصدع امبراطورية ترامب الافتصادية القضاء يعارض وماسك يغادر وينتقد

 تصدع امبراطورية ترامب الافتصادية  القضاء يعارض وماسك يغادر وينتقد

في أسبوع مزدحم بالأحداث، تلقّى النهج الاقتصادي للرئيس الأميركي دونالد ترامب سلسلة من الضربات الموجعة، جاءت من ثلاث جبهات مختلفة: القضاء، قطاع  التكنولوجيا،  ومن داخل فريقه الاستشاري. فمع صدور حكم قضائي فيدرالي يُبطل سياسة الرسوم الجمركية، واستقالة إيلون ماسك من منصبه الحكومي وما تلاه من  انتقادات علنية اطلقها ماسك على السياسات المالية  لترامب ، ونتائج مالية متباينة لشركة “إنفيديا”، يبدو أن أساسات المشروع الاقتصادي “الترامبي” تواجه اختباراً عسيراً.

ففي قرار وصف بأنه “تطور دراماتيكي”، قضت محكمة التجارة الدولية في نيويورك، المؤلفة من ثلاثة قضاة، بعدم قانونية الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها ترامب خلال ولايته. وجاء الحكم استجابةً لعدة دعاوى قانونية اتهمت ترامب بتجاوز صلاحياته والتعامل مع السياسة التجارية كأنها “نزوة رئاسية”، الأمر الذي أدّى إلى اضطراب اقتصادي عالمي، حسب نص القرار.

المحكمة أوضحت أن الرئيس تجاوز صلاحياته وفق “قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية” (IEEPA)، وأن أوامر فرض الرسوم “تتجاوز أي سلطة يمنحها القانون للرئيس لتنظيم الواردات عبر الرسوم الجمركية”، معتبرةً أن ترامب استغل مفهوم “الطوارئ الوطنية” لتمرير قرارات تجارية دون العودة إلى الكونغرس كما يقتضي الدستور.

رد فعل الأسواق المالية كان إيجابياً بشكل واضح؛ فقد شهد الدولار الأميركي ارتفاعاً، إلى جانب مؤشرات الأسهم في فرنسا وألمانيا واليابان، كما قفزت العقود الآجلة لمؤشرات “إس آند بي 500”، و”داو جونز”، و”ناسداك”. هذا التفاعل عكس ارتياح المستثمرين لاحتمال إنهاء واحدة من أكثر سياسات ترامب إثارة للجدل.

في المقابل، لم تتأخر إدارة ترامب عن الرد، حيث وصف مسؤولون في البيت الأبيض المحكمة بأنها “غير منتخبة”، معلنين نيتهم استئناف الحكم. لكن حتى مع هذا الاستئناف، تبقى صورة القيادة الاقتصادية لترامب وقد اهتزت أمام الرأي العام والأسواق العالمية.

وفي تطوّر متصل، أعلن إيلون ماسك استقالته من منصبه كمستشار حكومي يرأس “وزارة كفاءة الحكومة” (DOGE)، وهي هيئة تهدف إلى تقليص الإنفاق وتحسين الأداء الإداري. وبينما وُصفت الخطوة بأنها “ضمن الجدول الزمني الطبيعي لانتهاء الخدمة”، إلا أنها جاءت بعد أيام فقط من تصريحات علنية لاذعة وجهها ماسك ضد قانون الضرائب والإنفاق الجديد الذي دفع به ترامب.

ماسك انتقد ما سماه “مشروع القانون الضخم والجميل شكلاً، والمخيّب جوهراً”، مشيراً إلى أن هذا التشريع الذي يمدد تخفيضات ضريبية منذ عام 2017 ويزيد الإنفاق على أمن الحدود، يعمّق العجز بدل أن يقلّصه، ما يتناقض مع الجهود التي قادها لتقليص الإنفاق العام.

ورغم استقالته الرسمية، لمّح ماسك إلى أنه سيواصل تقديم المشورة للإدارة، في إشارة إلى استمرار علاقة شخصية مع الرئيس السابق، ولكن على مسافة نقدية واضحة.

وفي سياق آخر ، أعلنت شركة “إنفيديا” عن نتائج قوية للربع الأول من عامها المالي 2026، مسجلة إيرادات بلغت 44.1 مليار دولار، بزيادة قدرها 69% عن العام السابق. ورغم هذا الأداء الاستثنائي، توقعت الشركة انخفاضاً يصل إلى 8 مليارات دولار في الربع الثاني، بسبب قيود التصدير المفروضة على رقاقاتها إلى السوق الصينية، وهي سوق كانت تُقدّر قيمتها بنحو 50 مليار دولار.

هذه الخسائر المحتملة تأتي في ظل تصاعد القيود الأميركية على التصدير، ضمن سياسة كانت قد بدأت في عهد ترامب وتواصلت لاحقاً، ما يضع الشركات التكنولوجية الأميركية في مواجهة مباشرة مع تداعيات الحرب التجارية والجيوسياسية، لاسيما مع الصين.

من منصة المحكمة، إلى استقالة ماسك، مروراً بتقارير أرباح “إنفيديا”، تتكشّف هشاشة الرؤية الاقتصادية لترامب، التي بُنيت على شعارات الحماية والتصعيد والمواجهة المفتوحة. فقد أثبت القضاء أن تجاوز المؤسسات الدستورية له ثمن، وأظهر ماسك أن كبار المستثمرين لا يصمتون طويلاً أمام التناقضات المالية، بينما سلطت “إنفيديا” الضوء على المخاطر الحقيقية لانفصال الأسواق العالمية تحت ضغط السياسات الحمائية.

ويبقى السؤال: هل يستطيع سيد البيت الأبيض، أن يُعيد تلميع صورة الاقتصاد الاميركي وسط هذا الكم من الاعتراضات والانقسامات؟ أم أن فصول الانهيار قد بدأت بالفعل، ولو من أبواب المحكمة؟