دعوى بحق المصارف امام الجنائية الدولية غبريل : حل مشكلة المودعين موجود بلبنان

img

منذ ان تفجرت الازمة المالية في لبنان اواخر العام 2019 ، وامتدت الى شل القطاع المصرفي ، وبالتالي اقدمت هذه المصارف على حجز اموال المودعين بسبب تقاعس الحكومة اللبنانية ومجلس النواب على اقرار قانون الكابيتال كونترول لتنظيم العلاقة بين المصارف وزبائنها ، مما دفع العديد من المودعين الى رفع دعاوى قضائية على ادارات المصارف بحجة انها بطشت بهم واذابت اموالهم عن طريق فرض الهيركات على السحوبات مهما كان حجمها ، ورغم صدور العديد من الاحكام من قبل القضاء ، الا ان هذه الاحكام لم تنفذ ،كما اقيمت دعاوى امام المحاكم الفرنسية والسويسرية والبريطانية والاميركية ، لكن معظم هذه الدعاوى كانت شخصية وفردية ولم تؤدي الى حل جذري لمشكلة المودعين ، اليوم نعيش حقبة جديدة من هذه الدعاوى اذ يستعد بعض المتضررين من الاجراءات غير القانونية التي اتخذتها المصارف الى رفع دعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية يتم التحضير لها بعض الاشخاص من بينهم وزير الدولة لشؤون المهجرين عصام شرف الدين والنائب الياس جرادة والقاضي المتقاعد شكري صادر والمحامية بشرى الخليل التي أكدت في حديث اعلامي أن رفع هذه الدعوى أمام هذه المحكمة لأن عناصر النية الجرمية تتوفر في قضية المصارف ، مشيرة إلى أن المدعين يحرصون في دعواهم على تجنيب الدولة اللبنانية لاي ضرر لذلك يتم درس الدعوى بدقة لمدى خطورتها.

كيف ينظر الخبراء واهل الاختصاص الى هذه الدعوى ، وهل ستساهم بحل مشكلة المودعين وتضغط على السلطة الحاكمة لاقرار القوانين الاصلاحية التي طالب بها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي خلال الاجتماعات التي عقدت بينهم وبين حكومة تصريف الاعمال "مجلة24 " طرحت هذه الاسئلة على كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس الخبيرالمالي والمصرفي الدكتور نسيب غبريل الذي استهل حديثه بالقول " اولا نحن في لبنان بحاجة لإرساء ثقافة المسائلة والمحاسبة. في حال اخذنا مؤشرات البنك الدولي للحوكمة والادارة  الرشيدة نرى أن 67% من دول العالم لديها نظام مسائلة ومحاسبة أفضل من النظام عينه في لبنان.

اضاف : انا لست من الأشخاص الذين يتعاطون القانون، لكن أعتبر أن المحكمة الجنائية الدولية لديها 4 حالات محدّدة تقدم عبرها الدعاوى.. فهل دعوة ضدّ المصارف تعتبر من ضمن الأربع حالات هذه؟

في حال تكلمنا عن تحديد مسؤوليات ورفع دعاوى ضد من هو المسؤول، علينا أن نعرف تراتبية المسؤوليات، فقد تسائل موقع إخباري لبناني في تموز 2020  عن المسؤول عن الأزمة المالية والإقتصادية اللبنانية ..وأجري هذا المسح على عينة من مواطنين من الشعب اللبناني من كل لبنان، فأتت النتيجة على الشكل التالي:

68% قالوا الحكومات المتعاقبة.. 21% مصرف لبنان.. 12% المصارف التجارية.

في كل الأحوال يتابع غبريل "الجميع يجب أن يخضع للمسائلة والمحاسبة وتحمّل المسؤوليات ، وانا أعتبر أن الأزمة نظامية وليست موضوع سوء ادارة مصرف أو إجراءات غير ملائمة مع المعايير المصرفية العالمي انها أزمة نظامية سببها سوء إستخدام السلطة السياسية اولا، وسوء ادارة القطاع العام والمؤسسات العامة ذات الطابع التجاري ثانيا وهذا ما ادى الى أزمة ثقة وبالتالي الى أزمة سيولة ووقف تدفق رؤوس الأموال والودائع الى المصارف وبعدها الى أزمة نظامية للقطاع ككل.

وقال "في حال المحاسبة، علينا البدء برأس الهرم، او ما يعني السلطة السياسية والحكومات المتعاقبة، وما أكثر الدلائل لمحاسبة هذه السلطة من دعاوي وغيره..  ولما لا نبدأ بمن:

- عطّل تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام لمدة 11شهراً.

- من ادى الى الشغور الرئاسي لمدة سنتين ونصف السنة.

- ومن عرقل عدم تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري لفترة 8 اشهر.

- وماذا حصل لعدم تطبيق  مقرّرات مؤتمر Cèdre سيدر الذي حرم لبنان 11من مليار دولار لمدة 12 سنة من تدفقات رأسمالية..

ومن زاد النفقات العامة 160% بين 2006 و 2018 بدون موازنات، حيث ارتفعت النفقات العامة من 6 مليارات و 800 مليون دولار الى 18مليارات دولار من دون موازنات.

- من ادخل  31 الف  شخص الى القطاع العام معظمهم ليس لديهم عمل ضمنه بين 2014 و 2018 حسب تقرير ديوان المحاسبة.

- من أخذ قرار التعثر عن تسديد سندات اليورو بوند في آذار 2020  مع أن مصرف لبنان كان يملك 30 مليار دولار احتياطي من العملات الاجنبية وقيمة الذهب 16 مليار دولار

- من لم يقرّ اجراءات الكابيتال كونترول في تشرين الاول 2019 مع أن هذا الاجراء بديهي في اي ازمة في تراجع للسيولة وتدفق الاموال من الخارج.

 - من اخذ قرار دعم السلع والمواد المستوردة التي ادت الى استنزاف 14مليار دولار من احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية وودائع الناس ولم يرَ تقريبا المواطن اللبناني شيئاً من هذا الدعم حيث ذهبت هذه المواد الى التخزين والاحتكار والتهريب عبر الحدود.

اذا اردنا المحاسبة يضيف غبريل "يجب ان نبدأ من هنا ونسأل عن اسباب الاهمال الكلي المتعمّد لقانون النقد والتسليف وتحديداً قانون 113 منه، والذي يقول أنه في حال تكبّد المصرف المركزي خسائر فمن واجب وزارة المالية العمل على تغطية هذه الخسائر مهما كان حجمها وبأي نوع عملة كانت.

 لماذا لا نحاسب ايضاً الذي لا يعترف بمسؤولية الدولة والتزاماتها تجاه مصرف لبنان، أكان دين ال 16 مليار دولار و 500 مليون الموجودة على ميزانية مصرف لبنان، أو ال 80 مليار دولار التي بدّدتها الحكومات المتعاقبة من ودائع مصرفية من خلال الادمان على الاستدانة..

 لماذا لا نحاسب من أهدر 45 مليار دولار على قطاع الكهرباء وما زلنا نعاني من انقطاعها 20 ساعة في النهار..

ويتابع "من بعد هذه المحاسبة ننتقل تدريجا ومن دون اي استثناء الى مكوّنات اساسية للبلد. اذا كانت النية رفع دعوى، وانا لا اعرف مضمونها، ولا اريد إستباق الامور، ضدّ المصارف في المحكمة الجنائية الدولية، وكأنه بشكل غير مباشر يمنح البراءة للسلطات من اي مسؤولية من القرارات التي ذكرتها آنفاً، ويحمي بالتالي السلطة وكأنها مراقب عن بعد في برج عاجي في جامعة نيوزلندا واستفاقت في 2019 وسمعت عبر الراديو ان هناك ازمة اقتصادية في لبنان.!! هذا هو التفسير والانطباع تجاه خطوة مماثلة.

وقال " يجب وزن هذه الاجراءات بدقة، خصوصاً ان وزيرا في الحكومة اللبنانية الحالية ونائب حالي في المجلس النيابي مشتركين في هذا الاجراء، مع أن مسؤولية الوزراء والنواب في مجالسهم هو إيجاد حلول من الداخل بدل اللجوء الى اجراءات قانونية وقضائية خصوصاً خارج لبنان. هناك اسئلة مشروعة وحتى تساؤلات تجاه هذا الاجراء من دون استباق الامور.

وانا اسأل هل هذه الدعوة ستعيد الودائع للمودعيين؟

انا اعتقد هناك صعوبة ان تؤدي الدعوى لاعادة الودائع وهناك طريق أسهل لاستعادتها. لا اعرف مغزى الدعوى ولا اريد استباق الامور كما قلت، و لا اعرف ان كان لها علاقة بالودائع بشكل مباشر  لأنها محكمة جنائية دولية وليست محكمة مالية. طريقة استعادة الودائع موجودة في لبنان وليس في الخارج. الطريقة هي كف الكلام عن خسائر ووجود فجوة مالية في المصرف المركزي، اقتطاع من الودائع او شطبها، كلها لا تؤدي الى استعادة الودائع ولا الثقة، ولا يمكن مشروع قانون الحكومة وتاريخه 8 شباط، الذي يقول ان الحل هو ردّ 100 الف دولار على 15 سنة، وكل وديعة فوق ال 100الف دولار يتحول اما الى الليرة اللبنانية او الى اسهم في المصارف او الى سند مدته 30 سنة  بفائدة 0%... هذا ليس بحلّ لأن قبل الأزمة لم يكن يسحب المودع مبالغ كبيرة، بل مبالغ بسيطة للأستخدام ، او  شيك او تحاويل او بطاقات دفع في حال حاجته لمبلغ اكبر. لهذا يجب ان نعود الى هذه الطريقة من استخدام الودائع عبر تكوين سيولة توازي 10 الى 12 % من الودائع من العملات الاجنبية في القطاع المصرفي وهي اصلا 90 مليار دولار ونحن نتكلم هنا عن من 10 الى 11 مليار دولار بحيث هذا المبلغ ،في حال تكوينه، يسمح اولا للدولة ان تديّن القطاع الخاص وهذه مهمتها ان تموّل الاقتصاد، وثانيا ليستطيع المودع التصرّف بوديعته وليس سحبها بالكامل، لأن ليس هناك اي مصرف في اي دولة في العالم لديه 90% من ودائع الناس سيولة جاهزة.. والكلام أن الدولة ليس لديها  90 مليار دولار صحيح، ولا المصارف التجارية ولا حتى مصرف لبنان غير قادر ايضا بما انه لايوجد في المصرف غير  9 مليار دولار ، لهذا علينا شطب الفرق . لا، تكوين سيولة توازي 10 الى 12 % تسمح للمودع التصرف بوديعته من العملات الاجنبية من خلال التحاويل والشيكات مع تحديد سقف للسحوبات الشهرية.

وختم غبريل :هذا هو الحلّ الذي يعيد الثقة بالقطاع المصرفي والاقتصاد ككل والتسليف المصرفي.