د. ليلى العَشّا: مؤثرون وراء إتجاهات المراهق نحو عمليات تجميل غريبة!

img

تطوّر عالم التجميل ولم يعدّ هذا التطوّر يقف عند حدّ، لا من ناحية نوع العمليات التجميلية ولا من ناحية أسباب الطلب عليها، على الرغم من المخاطر التي تتكبّدها جهّات غير رسمية أو قانونية تترك ورائها ضحايا مشوّهة. نبدأ بمفاهيم الجمال التي تغيّرت اليوم، ليس فقط عند البالغين بل أيضاُ عند المراهقين والمراهقات والسبب مواقع التواصل الإجتماعي ومتابعة المؤثرين عبرها وتشكيل إتجاهات جديدة بعضها غريب وغير طبيعي بالنسبة لأنواع الجراحة التجميلية، ليس هذا فحسب، بل أثّر  أيضاً وبشكل كبير على تصوّرات الجمال إجمالا! يلعب المؤثرون، بفضل انتشارهم الواسع وقابليتهم على التواصل، دوراً محورياً في توجيه رواية الجمال، فلقد أثرت هذه الثورة الرقمية بشكل كبير على صناعة الجراحة التجميلية، فبات التركيز على مفاتن الجسد أكثر من التركيز على شخصية المرأة عامة والمراهقة خاصة وثقافتهما وخلفيتهما المعرفية، والجمال الذي يكمن في الاختلاف والتنوّع.

يسلط موضوعنا اليوم على صفحات موقع majalla24 الضوء على حقائق التجميل عند المراهقين عامة والمراهقات خاصة، مع الدكتورة "ليلى العَشّا"، الإختصاصية في الأمراض الجلدية وطب الجلد التجميلي، لتعرّفنا على متطلبات المراهق التجميلية والمحاذير الطبية والنفسية والإجتماعية التي لا تُحمد عقباها عند الأخطاء والإختيار غير المدروسين عند اللجوء الى عمليات التجميل ومن يقوم بها!

* ما سبب إقبال المراهقات على عمليات التجميل؟ من أين تأتي هذه الميول اليوم؟

 - حسب خبرتي القديمة في طب الجلدية، كنا نستمع الى طلبات المراهقات المولودات في الفترة بين أعوام 1980 الى 1995، حيث كانت هذه الطلبات متخصّصة أو محصورة، إذا صحّ التعبير، بصحة البشرة، كمعالجة آثار حَبّ الشباب، نضارة البشرة، جلسات ليزر، تقشير البشرة، حفّ الجلد... أما في السنوات الأخيرة، يشهد طب الأمراض الجلدية التجميلية تحوّلا كبيراً، مدفوعاً بالتأثير المتزايد بمنصات التواصل الاجتماعي مثل TikTok و Instagram وغيرهما.. ويتجلى هذا التغيير بشكل خاص بين الجيل Z الديموغرافي الذي ينتمي الى أعوام 1995 الى 2012، والذي يستثمر بشكل متزايد في مظهره أثناء تنقله في عالم إنشاء المحتوى والتواجد الرقمي. إذا هذا الجيل هو ما يسمى ب "جيل الشاشات"، والذي يُقسم الى مرحلتين في الطلب على التجميل: مرحلة ما قبل جائحة كورونا ومرحلة ما بعد جائحة كورونا!

* كيف  نفنّد المرحلتين؟

 - أعتبر أن مرحلة ما قبل جائحة كورونا كان هناك الكثير من الطلبات التجميلية "الطبيعية" للمراهقات، الى حدّ ما، أما مرحلة ما بعد كورونا فقد اختلفت الأمور وأصبح لدينا جيل، ليس فقط جيل الشاشات بل جيل الزوم Zoom واتصالات الفيديو Video calls حيث يمكن أن تكون هذه المكالمات أكثر جاذبية وشخصية، ولكنها قد تكون أيضاً، على ما يبدو، أكثر استنزافاً وتطلباً عن ما هي عليه المكالمات الهاتفية الصوتية. هنا بدأت طلبات المراهقات غريبة بعض الشيء في عيادات التجميل!!

 *كيف كانت طلبات المراهقات قبل الجائحة؟

 - في الماضي كان يأتي المراهق أو الأكبر سناً بقليل وبشكل متزايد الى عيادات أطباء التجميل بهدف الخضوع لتغيير يظهروا عبره على صورة أحد المشاهير أو مثالهم الأعلى في الحياة، كما يقولون، والذين يحظون بملايين المعجبين والمتابعين، لكن الأمر كان يصل إلى كثير من الأحيان الى حدّ الهوس لدى البعض مما يدفعهم للخضوع لعمليات تجميل ذات تكلفة عالية لإشباع هوسهم. أما اليوم وبما أنه أصبح لدينا ملايين المشاهير، تلجأ فئة المراهقين الى التطبيقات الدارجة للإستعانة بعيّنات من أفضل الأشكال الجمالية، بمساعدة الفيلترات وعلى المقاس المطلوب، مما يخلق لديهم حاجة ملحة وكأنها واجب ليكونوا على الشكل الذي رسموه، ليصبح الشكل الإفتراضي شكلا حقيقياً، الأمر الذي لم نعد نستطيع  فيه التحديد بين الطلبات الطبيعية نوعاُ ما، وبين الدوّامة النفسية أي هوس المظهر.

 *متى يرفض طبيب التجميل عمليات غير ضرورية أو غريبة؟

 - أريد هنا أن أوضّح أننا نحاول كأطباء جاهدين أن لا نقع في فخ هوس المظهر لطلبات البعض، لكننا في الحقيقة وفي المقابل نواجه "سوق موازي" أو ما يسمى Fake injector على يد متطفلين على المهنة من غير الأطباء المختصين في المجال.. ففي مجال الطب التجميلي وحقن الوجه، أصبح من المهم أكثر من أي وقت مضى أن يكون المريض على دراية بالمخاطر المرتبطة بالحقن المزيّف الذي يسبب مضاعفات خطيرة مثل التشوّه الدائم والعدوى والشلل، الأمر الذي قد يكلّف المريض أكثر بكثير من المال في العواقب الصحّية القصيرة والطويلة الأجل. أعتبر أن المراهق لا يريد شكلا طبيعيا، بل يريد حواف وجه مبالغ فيها، خدّان ظاهران، ذقن بارز وغيرها من عمليات التجميل غير الطبيعية بالاجمال! هنا يلجأ المراهق الى هؤلاء الدخيلين على مهنة الطب التجميلي، عندما يرفض الطبيب المختصّ اجمالا طلبات تجميلية غير طبيعية.

 *هل يحق لإختصاصية التجميل اللجوء الى الحقن؟

 - أبداً، فقد استغلّ الدخلاء على المهنة من غير الاختصاصيين في الطب التجميلي أو في هذا القطاع حالات كثيرة، أعتبرها شخصياً ضحايا، تركت تشوّهات وأضرار منها دائمة ومنها مؤقتة، تسبّبوا بها لروادهم، ضمن مراكز تجميلية أغلبها غير مرخّص، خاضوا فيها عمليات الشفط والنفخ والتكبير والتصغير والتقويم حيث تركت لديهم آثاراً نفسية وإجتماعية، ناهيك عن الآثار الصحّية كانسداد الأوعية الدموية نتيجة الحقن، إعادة تصنيع الأنف جرّاء عمليات تشويهية، والأخطر هو في حال حقن أنواع فيلر بمناطق معينة أدت الى العمى، لذلك أوصي باللجوء الى أطباء تجميل ذات إختصاص في حال الخضوع الى أي عملية تجميل,، كما اختيار الجرّاح الذي يملك خبرة طويلة وكفاءة عالية.

 *  ما هي الإجراءات التجميلية التي تطلبها المراهقات في أوروبا والبلدان العربية؟

- يختلف الطلب التجميلي من بلد الى بلد بصورة عامة عند البالغين، أما يبقى هو نفسه عند المراهقين والمراهقات إجمالا. أعتبر أن أكثر طلب تجميلي لدى المراهقات هو تكبير الشفاه بما أنها رمز الجاذبية والأنوثة وأيضاً عملية ال Contering لتحديد الوجه، أما المراهق والمراهقة فيطلبان عملية حشو ال Jawline أي فك الوجه، وهو إجراء تجميلي لتحديد خط الفك وجعل الوجه أكثر جاذبية وجمالا.

 *ما هي الاتجاهات الجديدة في الطبابة الجلدية التجميلية؟

 - البشرة الصحّية Healthy skin  هو الإتجاه الأخير والحديث في طب الجلد الوقائي واعادة الشباب، لأنه من غير المستحب الإستمرار بحقن الفيلر لأن تأثيرها مع الوقت وتكرارها كل سنة او بضعة أشهر ينتج عنها أشكال غير طبيعية. أما الإتجاه اليوم فهو الحقن غير المالئة لتحفيز الكولاجين الطبيعي من الشخص نفسه واعادة شباب البشرة واعطاء منظر صحّي وشبابي.